responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 387
الْقَذْفِ الَّذِي جَزَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَتَكُونُ تَوْبَةُ هَذَا كَتَوْبَةِ الْقَاذِفِ، وَتَعْرِيضُهُ كَتَعْرِيضِهِ، وَحَلِفُهُ عَلَى التَّعْرِيضِ كَحَلِفِهِ. وَأَمَّا لَوْ ظَلَمَهُ فِي دَمٍ، أَوْ مَالٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إِيفَاءِ الْحَقِّ، فَإِنَّ لَهُ بَدَلًا، وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ وَتَوْبَةِ الْقَاذِفِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَفِي هَذَا خَلَاصٌ عَظِيمٌ وَتَفْرِيجُ كُرُبَاتِ النُّفُوسِ مِنْ آثَارِ الْمَعَاصِي، وَالْمَظَالِمِ، فَإِنَّ الْفَقِيهَ كُلَّ الْفَقِيهِ الَّذِي لَا يُؤَيِّسُ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَلَا يُجَرِّئُهُمْ عَلَى مَعَاصِيهِ، وَجَمِيعُ النُّفُوسِ لَا بُدَّ أَنْ تُذْنِبَ، فَتَعْرِيفُ النُّفُوسِ مَا يُخَلِّصُهَا مِنَ الذُّنُوبِ؛ مِنَ التَّوْبَةِ، وَالْحَسَنَاتِ الْمَاحِيَاتِ، كَالْكَفَّارَاتِ، وَالْعُقُوبَاتِ مِنْ أَعْظَمِ فَوَائِدِ الشَّرِيعَةِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[حال من مات ولم يتب]
((وَمَنْ)) أَيْ أَيُّ امْرِئٍ مُذْنِبٍ ((يَمُتْ)) أَيْ يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى ذُنُوبِهِ وَمُنْهَمِكٌ فِي شَهَوَاتِهِ ((وَلَمْ يَتُبْ مِنَ الْخَطَأِ)) الَّذِي ارْتَكَبَهُ، وَالْإِثْمِ الَّذِي اكْتَسَبَهُ؛ لَمْ نَحْكُمْ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ، كَمَا زَعَمَتِ الْخَوَارِجُ، وَلَمْ نَقُلْ بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ بِارْتِكَابِهِ كَبَائِرَ الْآثَامِ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْكُفْرِ، بَلْ هُوَ فِي مَنْزِلَةٍ بَيْنَ مَنْزِلَتَيِ الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ كَمَا زَعَمَتِ الْمُعْتَزِلَةُ، وَلَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْخُلُودِ فِي النَّارِ، بَلْ وَلَا بِدُخُولِهَا، بَلْ نَقُولُ فِي مَنْ مَاتَ مُصِرًّا عَلَى كَبَائِرِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا ((فَأَمْرُهُ)) الَّذِي يَئُولُ إِلَيْهِ ((مُفَوَّضٌ)) أَيْ مَوْكُولٌ وَمَرْدُودٌ ((لِذِي)) أَيْ صَاحِبِ ((الْعَطَا)) الْوَاسِعِ، وَالْكَرَمِ وَالْجُودِ وَالنِّعَمِ. وَالْعَطَا - وَيُمَدُّ - النَّوَالُ، وَفِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى الْمُعْطِي أَيْ يُعْطِي مَنْ يُرِيدُ مَا يُرِيدُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ((فَإِنْ يَشَأْ)) - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - ((يَعْفُ)) أَيْ يَتَجَاوَزُ عَمَّنْ مَاتَ مُرْتَكِبًا لِذُنُوبِهِ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا، وَالْعَفْوُ هُوَ التَّجَاوُزُ عَنِ الذَّنْبِ وَتَرْكُ الْعِقَابِ عَلَيْهِ، وَأَصْلُهُ الْمَحْوُ وَذَهَابُ الْأَثَرِ، وَفِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى الْعَفُوُّ، هُوَ فَعُولٌ، مِنَ الْعَفْوِ الَّذِي هُوَ التَّجَاوُزُ ((وَإِنْ شَاءَ انْتَقَمَ)) مِنْهُ، فَإِنْ عَامَلَهُ بِالْفَضْلِ عَفَا وَأَنْعَمَ، وَإِنْ عَامَلَهُ بِالْعَدْلِ انْتَقَمَ وَآلَمَ، وَالِانْتِقَامُ أَنْ يَبْلُغَ فِي الْعُقُوبَةِ حَدَّهَا، وَفِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى الْمُنْتَقِمُ، وَهُوَ الْمُبَالِغُ فِي الْعُقُوبَةِ لِمَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ مُفْتَعِلٌ، مَنْ نَقَمَ يَنْقِمُ إِذَا بَلَغَتْ بِهِ الْكَرَاهَةُ حَدَّ السُّخْطِ ((وَإِنْ يَشَأْ أَعْطَى)) النَّوَالَ السَّهْلَ ((وَأَجْزَلَ)) أَيْ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ لَهُمْ ((النِّعَمَ)) بِكَسْرِ النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، جَمْعُ نِعْمَةٍ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَالِاسْمُ بِالْفَتْحِ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: النِّعْمَةُ بِالْكَسْرِ

اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 387
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست