responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 342
إِلا الْمُتَّقِينَ} [1]. فإذا كانت البلوى قد عمت بهذا في زمن ابن عباس خير القرون، فما زاد الأمر بعد ذلك إلا شدة، حتى وقعت الموالاة على الشرك والبدع والفسوق والعصيان. وقد وقع ما أخبر به صلي الله عليه وسلم بقوله:
وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} [2] قال: المودة". فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية البقرة.
الثانية: تفسير آية براءة.
الثالثة: وجوب محبته صلي الله عليه وسلم على النفس والأهل والمال.
الرابعة: نفي الإيمان لا يدل على الخروج من الإسلام.
الخامسة: أن للإيمان حلاوة قد يجدها الإنسان وقد لا يجدها.
السادسة: أعمال القلب الأربع التي لا تنال ولاية الله إلا بها، ولا يجد أحد طعم الإيمان إلا بها.
السابعة: فهم الصحابي للواقع: أن عامة المؤاخاة على أمر الدنيا.
" بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ " [3] [4]. وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- من المهاجرين والأنصار في عهد نبيهم صلي الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- يؤثر بعضهم بعضا على نفسه محبة في الله وتقربا إليه. كما قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [5]. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " "لقد رأيتنا على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم، وما منا أحد يرى أنه أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم" ". رواه ابن ماجه.
قوله: " وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} قال: "المودة". هذا الأثر رواه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه.
قوله: "قال: المودة" أي التي كانت بينهم في الدنيا خانتهم أحوج ما كانوا إليها، وتبرأ بعضهم من بعض; كما قال تعالى: {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [6].
قال العلامة ابن القيم في قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ} [7] الآيتين: فهؤلاء المتبوعون كانوا على الهدى وأتباعهم ادعوا أنهم على طريقهم ومنهاجهم، وهم مخالفون لهم سالكون غير طريقهم، ويزعمون أن محبتهم لهم تنفعهم مع مخالفتهم، فيتبرءون منهم يوم القيامة؛ فإنهم اتخذوهم أولياء من دون الله، وهذا حال كل من اتخذ من دون الله وأولياء، يوالي لهم، ويعادي لهم، ويرضى لهم، ويغضب لهم؛

[1] سورة الزخرف آية: 67.
[2] سورة البقرة آية: 166.
[3] مسلم: كتاب الإيمان (145) و (146) : باب بيان الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-. ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[4] رواه مسلم وابن ماجة عن أبي هريرة. والترمذي وابن ماجة عن ابن مسعود. وقد شرحه الحافظ ابن رجب شرحا نفيسا سماه " كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة" طبع مرارا.
[5] سورة الحشر آية: 9.
[6] سورة العنكبوت آية: 25.
[7] سورة البقرة آية: 166.
اسم الکتاب : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 342
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست