جاءه رسول الله صلي الله عليه وسلم وعنده عبد الله بن أمية وأبو جهل. فقال له: يا عم قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله. فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟
قوله: "في الصحيح" أي في الصحيحين. [1] وابن المسيب: هو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي، أحد العلماء والفقهاء الكبار السبعة من التابعين. اتفق أهل الحديث على أن مراسيله أصح المراسيل. وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما منه. مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين.
وأبوه المسيب صحابي، بقي إلى خلافة عثمان رضي الله عنه وكذلك جده حَزْن، صحابي استشهد باليمامة.
قوله: "لما حضر أبا طالب الوفاة" أي علاماتها ومقدماتها.
قوله: "جاء رسول الله صلي الله عليه وسلم" يحتمل أن يكون المسيب حضر مع الاثنين. فإنهما من بني مخزوم، وهو أيضا مخزومي، وكان الثلاثة إذ ذاك كفارا، فقتل أبو جهل على كفره وأسلم الآخران.
قوله: "يا عم" منادى مضاف يجوز فيه إثبات الياء وحذفها; حذفت الياء هنا، وبقيت الكسرة دليلا عليها.
قوله: "قل لا إله إلا الله" أمره أن يقولها لعلم أبي طالب بما دلت عليه من نفي الشرك بالله وإخلاص العبادة له وحده، فإن من قالها عن علم ويقين فقد برئ من الشرك والمشركين ودخل في الإسلام؛ لأنهم يعلمون ما دلت عليه، وفي ذلك الوقت لم يكن بمكة إلا مسلم أو كافر. فلا يقولها إلا من ترك الشرك وبرئ منه. ولما هاجر النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة كان فيها المسلمون الموحدون، والمنافقون الذين يقولونها بألسنتهم وهم يعرفون معناها، لكن لا يعتقدونها، لما في قلوبهم من العداوة والشك والريب، فهم مع المسلمين بظاهر الأعمال دون الباطن; وفيها اليهود؛ وقد أقرهم رسول الله صلي الله عليه وسلم لما هاجر، ووادعهم بأن لا يخونوه ولا يظاهروا عليه عدوا كما هو مذكور في كتب الحديث والسير. [1] البخاري: كتاب التفسير (4772) : باب إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء. ومسلم: كتاب الإيمان (24) (39) : باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع.