responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 174
له ما طلب منه إلى يوم القيامة. والآية تعم كل ما يدعى من دون الله، كما قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} [1]. وفي هذه الآية أخبر أنه لا يستجيب وأنه غافل عن داعيه {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [2] فتناولت الآية كل داع وكل مدعو من دون الله[3].
{وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [4].
قال أبو جعفر ابن جرير في قوله: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً} [5] يقول - تعالى ذكره -: وإذا جُمع الناس ليوم القيامة في موقف الحساب كانت هذه الآلهة التي يدعونها في الدنيا لهم أعداء؛ لأنهم يتبرءون منهم {وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [6] يقول - تعالى ذكره -: وكانت آلهتهم التي يعبدونها في الدنيا بعبادتهم جاحدين؛ لأنهم يقولون يوم القيامة: ما أمرناهم ولا شعرنا بعبادتهم إيانا. تبرأنا إليك منهم يا ربنا، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ قَالُوا سُبْحَانَكَ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً} [7].

[1] سورة الإسراء آية: 56.
[2] سورة الأحقاف آية: 6.
[3] في قرة العيون: وأخبر أن المدعو لا يستجيب لما طلب منه من ميت أو غائب, أو ممن لا يقدر على الاستجابة مطلقا من طاغوت ووثن, فليس لمن دعا غير الله إلا الخيبة والخسران. ثم قال تعالى: (وهم عن دعائهم غافلون) كما قال في آية يونس (10: 28 , 29) (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين) ثم قال: (46: 6) (وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) . فلا يحصل للمشرك يوم القيامة إلا نقيض قصده, فيتبرأ منه ومن عبادته وينكر ذلك عليه أشد الإنكار، وقد صار المدعو للداعي عدوا; ثم أخبر تعالى أن ذلك الدعاء عبادة بقوله: {وكانوا بعبادتهم كافرين} فدلت أيضا على أن دعاء غير الله عبادة له وأن الداعي له في غايه الضلال. وقد وقع من هذا الشرك في هذه الأمة ما عم وطم, حتى أظهر الله من يبينه بعد أن كان مجهولا عند الخاصة والعامة إلا من شاء الله تعال، ; وهو في الكتاب والسنة في غاية البيان، لكن القلوب انصرفت إلى ما زين لها الشيطان, كما جرى للأمم مع الأنبياء والمرسلين لما دعوهم إلى توحيد الله جرى لهم من شدة العداوة ما ذكره الله تعالى, كما قال تعالى: (51: 52 , 53) {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول الله إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون} . ويشبه هذه الآية في المعنى (35: 13 , 14) {ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير} أخبر تعالى أن ذلك الدعاء شرك بالله وأنه لا يغفره لمن لقيه به، فتدبر هذه الآيات وما في معناها كقوله: (72: 18) {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} (72: 20) (قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا) وهو في القرآن أكثر من أن يستقصى.
[4] سورة الأحقاف آية: 6.
[5] سورة الأحقاف آية: 6.
[6] سورة الأحقاف آية: 6.
[7] سورة الفرقان آية: 17-18.
اسم الکتاب : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 174
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست