قال المصنف - رحمه الله -: "ولابن أبي حاتم عن حذيفة أنه " رأى رجلا في يده خيط من الحمى فقطعه، وتلا قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} 1".
قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن الحسين بن إبراهيم بن أشكاب حدثنا يونس بن محمد حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم الأحول عن عروة قال: " دخل حذيفة على مريض، فرأى في عضده سيرا فقطعه أو انتزعه ثم قال: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} ".
وابن أبي حات: م هو الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس
وتلا قوله: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} 2".
فيه مسائل:
الأولى: التغليظ في لبس الحلقة والخيط ونحوهما لمثل ذلك.
الثانية: أن الصحابي لو مات وهي عليه ما أفلح. فيه شاهد لكلام الصحابة: إن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر.
الثالثة: أنه لم يعذر بالجهالة.
الرابعة: أنها لا تنفع في العاجلة، بل تضر؛ لقوله " لا تزيدك إلا وهنا".
الرازي التميمي الحنظلي الحافظ، صاحب الجرح والتعديل والتفسير وغيرهما، مات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.
وحذيفة: هو ابن اليمان. واسم اليمان: حسيل بمهملتين مصغرا، ويقال: حسل - بكسر ثم سكون - العبسي بالموحدة، حليف الأنصار، صحابي جليل من السابقين، ويقال له: صاحب السر[3] وأبوه أيضا صحابي، مات حذيفة في أول خلافة علي رضي الله عنه سنة ست وثلاثين.
قوله: "رأى رجلا في يده خيط من الحمى" أي عن الحمى. وكان الجهال يعلقون التمائم
1 سورة يوسف آية: 106.
2 سورة يوسف آية: 106. [3] لأن النبي صلى الله عليه وسلم استصحبه في عودته من غزوة تبوك حين أخذ في طريق العقبة التي كان المنافقون كمنوا عندها؛ لينفروا راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقع عنها فيموت. فأطلعه الله على ما بيتوا وأعلمه بأسمائهم. فأعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حذيفة بأسمائهم إذ ناداهم بأسمائهم حين حاذاهم. ثم استكتم حذيفة أسماءهم اتقاء الفتنة. ولم يكن عند حذيفة سر في الدين, كما يدعي الضالون من الصوفية. لأن الإسلام علانية لا سر فيه, وإنما الأسرار في النصرانية وكنائسها وقسسها ورهبانيتها.