اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 95
الهذيان، وأنه بعيد عن العلم والمعرفة لا فكر له ولا ذوق، والأمر لله.
الوجه الخامس: قوله: "أما الاجتهاد فلا يدّعيه اليوم إلا مختل العقل والدين، إلا من طريق الولاية، كما قاله الشيخ الأكبر" إلخ.. لا معنى له ولا محصّل، وقد أسلفنا لك أنه لا يمكن أن يخلو الزمان من مجتهد، كما ذكره الأصوليون من مذهب الحنابلة وأهل الحديث، ولِمَ كان الجامع لشروط الاجتهاد المتأهل لأخذ دينه من الكتاب والسنة مختل العقل والدين؟ فهل هذا إلا كلام جاهل قد تخبطه الشيطان من المس؟ ثم ما معنى قوله: "إلا من طريق الولاية إلخ.." فهل رأى أحد من علماء الفروق والأصول هذه العبارة في باب الاجتهاد؟ ولكن لا بدع أن يصدر مثل هذا الهذيان عن مثل هذا المبتدع الجاهل، والجاهل يعمل بنفسه ما لا يعمل العدو بعدوه، والشيخ محيى الدين[1] ممن كان يدّعي الاجتهاد المطلق، كما دلّت عليه نصوص كتبه وقال شعر له:
نسبوني إلى ابن حزم وإني ... لست ممن يقول قال ابن حزم
بل ولا غيره فإن كلامي ... قال نص الكتاب ذلك حكمي
أو يقول الرسول أو أجمع ... الخلق على ما أقول ذلك علمي
أشار رحمه الله في هذه الأبيات إلى أنه يأخذ الأحكام الدينية من الكتاب والسنة والإجماع، وهذه عنده هي الدلائل دون القياس، والكلام مستوفى في محله.
الوجه السادس: قال: نقل عن ابن حجر المكي أنه قال: "لما ادعى الجلال السيوطي الاجتهاد قام عليه معاصروه، ورموه عن قوس واحدة، وكتبوا له سؤالاً فيه مسائل أطلق الأصحاب فيها وجهين، وطلبوا منه إن كان عنده أدنى مراتب الاجتهاد -وهو اجتهاد الفتوى- فليتكلم على الراجح من تلك الأوجه، وعلى [1] أي: الإمام النووي رحمه الله. وقد صحّ عنه أنه قال: "لا أجعل في حلٍّ من لقّبني محيي الدين".
انظر: "تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيى الدين" لابن العطار (ص 37) - الهامش-.
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 95