responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 508
جواهر، وهذه المجردات التي أثبتوها ترجع عند التحقيق إلى أمور موجودة في الأذهان لا في الأعيان، كما أثبت أصحاب أرسطو أعداداً مجردة، وكما أثبت أفلاطون المثل الأفلاطونية المجردة، وأثبتوا هيولى[1] مجردة عن الصورة مدة وخلاء مجردين، وقد اعترف حذاقهم بأن ذلك إنما يتحقق في الأذهان لا في الأعيان.
فلما أراد هؤلاء المتأخرون منهم كابن سينا أن يثبتوا أمر النبوة على أصولهم الفاسدة زعموا أن النبوة لها خصائص ثلاثة من اتصف بها فهو نبي: أن يكون له قوة علمية يسمونها القوة القدسية ينال بها العلم بلا تعلم. وأن يكون له قوة تخيلية تخيل ما يعقله في نفسه بحيث يرى في نفسه صوراً ويسمع في نفسه صوتاً كما يراه النائم ويسمعه ولا يكون لها وجود في الخارج، وزعموا أن تلك الصور هي ملائكة الله وتلك الأصوات هي كلام الله. وأن يكون له قوة فعالة يؤثر بها في هيولى العالم، وجعلوا كرامات الأولياء ومعجزات الأنبياء وخوارق السحرة من قول النفس، فأقروا من ذلك بما يوافق أصولهم دون قلب العصا حية ودون انشقاق القمر ونحو ذلك فإنهم ينكرون وجود هذا. وقد بسطنا الكلام على هؤلاء في مواضع، وبينا أن كلامهم هذا من أفسد كلام، وأن هذا الذي جعلوه من خصائص النبي يحصل ما هو أعظم منه لآحاد العامة ولأقل أتباع الأنبياء، وأن الملائكة التي أخبرت بها الرسل أحياء ناطقون أعظم مخلوقات الله، وهم كثيرون، ولا يعلم جنود ربك إلا هو، وليسوا عشرة، وليسوا أعراضاً، لاسيما وهؤلاء يزعمون أن الصادر الأول هو العقل الأول عنه صدر كل ما سواه، فهو عندهم رب كل ما سوى الله.
وكذلك كل عقل رب كل ما دونه، والعقل الفعال العاشر رب كل ما تحت

[1] قال شيخ الإسلام في "تفسير سورة الإخلاص" (ص 88) : "الهيولي في لغتهم بمعنى المحل، يقال: الفضلة هيولى الخاتم والدرهم، والخشب هيولى الكرسي، أي: هذا المحل الذي تصنع فيه هذه الصورة، وهذه الصورة الصناعية عرض من الأعراض".
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 508
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست