responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 507
أيام، ولا خلق الأشياء بمشيئته وقدرته، ولا يعلم الجزئيات، بل إما أن ينكروا علمه مطلقاً- كقول أرسطو- أو يقولون إنما يعلم من الأمور المتغيرة كلياتها كما يقوله ابن سينا.
وحقيقة هذا القول إنكار علمه بها، فإن كل موجود في الخارج فهو معنى جزئي، والأفلاك كل منها معنى جزئي، وكذلك جميع الأعيان وصفاتها وأفعالها، فمن لم يعلم إلا في الكليات لم يعلم شيئاً من الموجودات، والكليات إنما توجد كليات في الأذهان لا في الأعيان، والكلام على هؤلاء قد بسط في موضع آخر في بحث "تعارض العقل والنقل" وغيره، فإن كفر هؤلاء أعظم من كفر اليهود والنصارى، بل ومشركي العرب، إذ جميع هؤلاء يقولون إن الله خلق السموات والأرض، وأنه يخلق المخلوقات بمشيئته وقدرته، وأرسطو ونحوه من متفلسفة اليونان كانوا يعبدون الكواكب والأصنام، وهم لا يعرفون الملائكة ولا الأنبياء، وليس في كتب أرسطو ذكر شيء من ذلك، وإنما غالب علم القوم الأمور الطبيعية، وأما الأمور الإلهية فكلامهم فيها قليل كثير الخطأ.
واليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل أعلم بالإلهيات منهم بكثير، ولكن متأخروهم كابن سينا أرادوا أن يلفقوا بين كلام أولئك وبين ما جاءت به الرسل، فأخذوا شيئاً من بعض أصول الجهمية والمعتزلة وركبوا منه ومن قول أولئك مذهباً قد يعتزي إليه متفلسفة أهل الملل، وفيه من الفساد والتناقض ما قد نبه على بعضه في غير هذا الموضع.
وهؤلاء لما رأوا أن أمر الرسل- كموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم-. قد ظهر للعالم واعترفوا بأن الناموس الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم أعظم ناموس طرق العالم ووجدوا الأنبياء قد ذكروا الملائكة والجن؛ أرادوا أن يجمعوا بين ذلك وبين قول أسلافهم اليونان، الذين هم من أبعد الخلق عن معرفة الله وملائكته وكتبه ورسله، وأولئك قد أثبتوا عقولاً عشرة يسمونها المجردات والمفارقات، وأصل ذلك مأخوذ من مفارقة النفس للبدن، فسموا تلك مفارقة لمفارقتها المادة ومجرد لتجردها عنها، وأثبتوا للأفلاك لكل فلك نفساً، وأكثرهم جعلها أعراضاً، وبعضهم جعلها

اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 507
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست