اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 363
في تلك المسائل والمقالات، وهذا إخلال بجملة الدين، وقدح في القرون المفضلة بنص سيد المرسلين، وكفى بهذا فضيحة وجهلاً لو كانوا يعلمون.
وأما قوله: "مع علمه بسؤال من سأله والمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث من غيره".
فيقال: أما دعوى عموم العلم بسؤال السائلين لمن يستغيث به جهلة القبوريين فالأخذ به وإطلاقه على غير الله كفر صريح باتفاق أهل العلم، فإن من زعم إحاطة العلم وعمومه لغير الله أو عموم القدرة أو الرزق أو الخلق لغيره سبحانه يكفر كفراً واضحاً، كما ذكره شراح الأسماء وغيرهم من أهل العلم، وأما دعوى تخصيص ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم فهي قال: وإن كانت من جنس ما قبلها في الرد والمنع- تبطل مذهب عباد القبور، ودعائهم لغير الله من الغائبين والأموات، فإن دعاء الغافل الذي لا يعلم بحال الداعي ولا يدريها ضلال مستبين، قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} [1].
وأما قوله: "والمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث من غيره ممن هو أعلى منه وليس لها في قلوب المسلمين غير ذلك" إلى آخره.
فيقال: هذا يدل على جهل هذا الغبي باللغة والشرع، فإن الداعي السائل لغيره لا يسمى مغيثاً، والمغيث من يفعل الإغاثة ويحصل الغوث بفعله.
قال شيخ الإسلام: "من زعم أن مسألة الله بجاه عبده تقتضي أن يسمى العبد مغيثاً، أو يكون ذلك استغاثة بالعبد فهذا جهل، ونسبته إلى اللغة أو إلى أمة من الأمم كذب ظاهر، فإن المغيث هو فاعل الإغاثة ومحدثها لا من تطلب بجاهه وحقه، ولم يقل أحد أن التوسل بشيء هو الاستغاثة به، بل العامة الذين يتوسلون في أدعيتهم بأمور- كقول أحدهم: نتوسل إليك بحق الشيخ فلان، أو بحرمته، أو [1] سورة الأحقاف: 5.
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 363