اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 362
وأما قوله: "إن السبكي والقسطلاني والسمهودي وابن حجر في "الجوهر المنظم" قالوا: والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم وبغيره في معنى التوسل إلى الله تعالى بجاهه" إلخ.
فيقال: مسألة الاستغاثة به وبجاهه ليست هي مسألة النزاع، ومراد أهل العلم أن يسأل الله بجاه عبده ورسوله لا أن يسأل الرسول نفسه، فإن هذا لا يطلق عليه توسل بل هو دعاء واستغاثة، وأن لفظ التوسل صار مشتركاً، فعباد القبور يطلقون التوسل على الاستغاثة بغير الله ودعائه رغباً ورهباً، والذبح والنذر والتعظيم بما لم يشرع في حق مخلوق، وأهل العلم يطلقونه على المتابعة والأخذ بالسنة، فيتوسلون إلى الله بما شرعه لهم من العبادات، وبما جاء به عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا هو التوسل في عرف القرآن والسنة كما يأتيك مفصلاً إن شاء الله تعالى، ومنهم من يطلقه على سؤال الله ودعائه بجاه نبيه أو بحق عبده الصالح أو بعباده الصالحين، وهذا هو الغالب عند الإطلاق في كلام المتأخرين كالسبكي والقسطلاني وابن حجر.
وبالجملة؛ فما نقله هنا عمن ذكر ليس من مسألة النزاع في شيء، وإن كابر الغلاة وزعموا أنهم قصدوا دعاء الأنبياء والصالحين والاستغاثة بهم أنفسهم وأن هذا يسمى توسلاً، فهذا عين الدعوى والدعوى يحتج لها لا بها، فبطل كلامه على كل تقدير.
وأما قوله: "أو بأن يدعو الله كما في حال الحياة إذ هو غير ممتنع".
فيقال: هذا جرأة على الله وعلى رسوله، وتقدم إليه بما لم يشرعه ولم يأذن فيه، وأعلم الخلق به أصحابه وأهل بيته وأئمة الدين من أمته لم يفعل أحد منهم ذلك ألبتة ولا نقله من يعتد به، وهم أعلم الخلق به وبدينه وشرعه، وما يجوز وما يمتنع، فلا يخلو إما أن تسلم هذه المقامات ويجزم بأن الخروج عن هديهم من أفظع الجهالات وأضل الضلالات، أو تسلم تلك المقدمات ويدعى أن الخلف الذين يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون أحق بالصواب والعلم والمتابعة
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 362