اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 352
فانظر إلى ما آل إليه الغلو بالتصاوير والعكوف من غير دعاء ولا عبادة، فكيف بالدعاء والاستغاثة والتوسل؟ والقول بأن الله تعالى يفعل لأجلهم هذا نفس الشرك، والأول وسيلته التي حدث الشرك بسببها.
وقد قطع النبي صلى الله عليه وسلم وسيلة هذا الشرك، وحمى الحِمَى وسَدَّ الذريعة حتى نهى عن الصلاة عندها، واعتياد المجيء إليها بقوله في أشرف القبور: " لا تجعلوا قبري عيداً، ولا بيوتكم قبوراً، وصلّّّوا عليّ حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني". ونهى عن رفع القبور، وبعث عليّ بن أبي طالب أن لا يدع تمثالاً إلا طمسه ولا قبراً مشرفاً إلا سوَّاه. ونهى عن تعظيمها بإيقاد السرج، كل هذا صيانة للتوحيد وحماية لجانبه، فرحم الله امراً آمن بالجنة والنار، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إمامه ومعلمه وقدوته، ولم يلتفت عن غير ما جاء به، ولم يبال بمن خالفه وسلك غير سبيله، وحن إلى ما كان عليه السلف الصالح وأئمة الهدى في هذا الباب وفي غيره: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [1]. {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [2].
الوجه الثامن: أن من أعرض عن الله وقصد غيره وأعد ذلك الغير لحاجته وفاقته واستغاث به ونذر له ولاذ به فقد أساء الظن بربه، وأعظم الذنوب عند الله تعالى إساءة الظن به، فإن المسيء به والظن قد ظن به خلاف كماله المقدس، فظن به ما يناقض أسماءه وصفاته، ولهذا توعد سبحانه وتعالى الظانين به ظن السوء بما لم يتوعد به غيرهم، كما قال تعالى: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [3] وقال تعالى لمن أنكر صفة من صفاته: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [4] وقال تعالى عن خليله إبراهيم عليه [1] سورة الأنعام: 95. [2] سورة آل عمران: 31- 32. [3] سورة الفتح: 6. [4] سورة فصلت: 23.
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 352