الذي أنا فيه ثم الثاني، ثم الثالث" 1.
فهذه الأحاديث فيها دلالة واضحة وقاطعة على أن الصحابة رضي الله عنهم هم خير القرون المفضلة وأكرمها على الله ـ تعالى ـ.
قال الإمام النووي: "اتفق العلماء على أن خير القرون قرنه صلى الله عليه وسلم والمراد أصحابه"2.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "قوله: "خير أمتي قرني" أي: أهل قرني والقرن أهل زمان واحد متقارب اشتركوا في أمر من الأمور المقصودة ويقال: إن ذلك مخصوص بما إذا اجتمعوا في زمن نبي أو رئيس يجمعهم على ملة أو مذهب أو عمل ويطلق القرن على مدة من الزمان واختلفوا في تحديدها من عشرة أعوام إلى مائة وعشرين لكن لم أر من صرح بالسبعين ولا بمائة وعشرة وما عدا ذلك فقد قال به قائل وذكر الجوهري بين الثلاثين والثمانين وقد وقع في حديث عبد الله بن بسر عند مسلم ما يدل على أن القرن مائة وهو المشهور ... والمراد بقرن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحابة وقد سبق في صفة النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "وبعثت من خير قرون بني آدم" 3 وفي رواية بريدة عند أحمد "خير هذه الأمة القرن الذي بعثت فيهم" 4.
وقد ظهر أن الذي بين البعثة وآخر من مات من الصحابة مائة سنة وعشرون سنة أو دونها أو فوقها بقليل على الاختلاف في وفاة أبي الطفيل وإن اعتبر ذلك من بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فيكون مائة سنة أو تسعين أو سبعاً وتسعين. وأما قرن التابعين فإن اعتبر من سنة مائة كان نحو سبعين أو ثمانين وأما الذين بعدهم فإن اعتبر منها كان نحواً من خمسين فظهر بذلك أن مدة القرن تختلف باختلاف أعمال أهل كل زمان والله أعلم واتفقوا أن آخر من كان
1ـ صحيح مسلم 4/1965.
2ـ شرح النووي 16/84.
3ـ صحيح البخاري 2/272 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
4ـ مسند أحمد 5/357.