اسم الکتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم المؤلف : ملكاوي، محمد خليل الجزء : 1 صفحة : 277
تشهدان له بالوحدانية، وفي هذا تنبيه لعباده أن مما يشهد له بذلك: المسيح الذي زعموا بنوته لله، وأن الذي ابتدع السموات والأرض على غير مثال: هو الذي ابتدع المسيح من غير والد بقدرته.
يقول الطبري: "لله ما في السموات والأرض من الأشياء كلها ملكًا وخلقًا وهو يرزقهم ويقوتهم ويدبرهم فكيف يكون المسيح ابن الله وهو في الأرض أو في السموات غير خارج من أن يكون في بعض هذه الأماكن، وقوله: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} يقول وحسب ما في السموات وما في الأرض بالله قيمًا ومدبرًا ورازقًا من الحاجة معه إلى غيره"[1].
ويترتب على كون الله تعالى خالقًا ومالكًا لكل ما في السموات والأرض نقطتان: ـ
النقطة الأولى: أنه مادام أن كل شيء مخلوق لله ومملوك له إذن فكل ما في السموات والأرض عبيد الله, وعليه فإن كل من زعموهم أنهم أبناء الله -كالمسيح والعزير والملائكة- هم عبيد الله يدعون لعبادته ولا يستنكفون عنها، كما قال تعالى: {لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [2]، وقال تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً, إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} [3]، وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ, لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [4].
وكما أن المسيح والملائكة عبيد الله، فكل شيء مخلوق فهو عبد الله حتى [1] تفسير الطبري 6/37 وانظر 1/512، 11/140 وتفسير الكشاف 1/307. [2] سورة النساء آية 172. [3] سورة مريم آية 92-93. [4] سورة الأنبياء آية 26-27.
اسم الکتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم المؤلف : ملكاوي، محمد خليل الجزء : 1 صفحة : 277