النصوص الصريحة فى تكفير تارك الصلاة، لم تنهض تلك الزيادة على معارضتها، فوجب أن تفهم كما تفهم الألفاظ المعارضة للأدلة الصحيحة الصريحة، مما هو معلوم في أبواب التعارض والترجيح والجمع.
أولا: من جهة الترجيح:
أن يقال: إن الروايات التي لم تذكر فيها هذه الزيادة، أرجح من تلك، من حيث كثرتها وموافقتها للأصول القطعية في أنه لن يدخل الجنة إلا مؤمن، وأن الإيمان قول وعمل.
فمثلا" رواية أبى هريرة عند البخاري هذا نصها:
"حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد، وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا"، ممن أراد الله أن يرحمه ممن يشهد أن لا إله إلا الله، فيعرفونهم بأثر السجود، تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود، حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود فيخرجون من النار قد امتحشوا [1] ، فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون تحته كما تنبت الحبة فى حميل السيل" (2)
فهذه رواية متفق عليها بين الشيخين، وفى رواية البخارى فى الأذان، يشترك سعيد بن المسيب سيد التابعين فى روايتها مع عطاء بن يزيد، ومن الاتفاق الحسن أن التابعى الراوى عن أبى هريرة، وهو عطاء بن يزيد، قال بعد تمام الحديث:
"وأبو سعيد الخدرى جالس مع أبى هريرة لا يغير عليه شيئا من حديثه - ورواية مسلم لا يرد عليه من حديثه شيئا - حتى انتهى إلى قوله (آخر الحديث) : هذا لك [3] ومثله معه، قال أبو سعيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هذا لك وعشرة أمثاله. قال أبو هريرة: حفظت مثله معه ".
وفي رواية مسلم والبخاري في التوحيد حتى إذا حدث أبو هريرة أن الله قال لذلك الرجل ومثله معه قال أبو سعيد وعشرة أمثاله معه يا أبا هريرة، قال ابو هريرة ما حفظت إلا قوله لك ذلك ومثله معه.. قال أبو سعيد أشهد أني حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ذلك لك وعشرة أمثاله. [1] أى صاروا فحما، كما بينته الروايات الأخرى.
(2) البخارى (11/445) (كتاب الرقاق) ، (13/420) (التوحيد) ، وكتاب الأذان، ومسلم رقم (299) . [3] الخطاب للرجل الذى هو آخر رجال الجنة دخولا" للجنة.