وهذه أمثلة من النصوص أو الاستنباطات، التي استدل بها المرجئة على أن ترك العمل مطلقا لا ينافى الإيمان، وجواب أهل السنة والجماعة عنها:
1- حديث جارية معاوية بن الحكم السلمى رضى الله عنه، الذى فيه: "كانت لى جارية ترعى غنما قبل أحد والجوانية، فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بنى آدم آسف كما يأسفون، لكنى صككتها صكة [1] .
فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك على.
قلت: يا رسول الله، أفلا أعتقها؟
قال: ائتنى بها، فأتيته بها، فقال لها: أين الله؟
قالت: فى السماء.
قال: من أنا؟
قالت: أنت رسول الله.
قال: أعتقها فإنها مؤمنة؟ [2] .
ووجه الاستدلال أن النبى صلى الله عليه وسلم شهد لها بالإيمان دون أن يشترط العمل، فالإيمان يثبت بمجرد الإقرار، فهو قول فقط وليس قولا وعملا.
والجواب عن ذلك:
أن مورد الحديث وموضعه، هو بيان الحكم الدنيوى المترتب على الإيمان وليس بيان حقيقة الإيمان الشرعية، المبينة فى نحو قول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [3] (الحجرات: 15) .
وفرق كبير بين أن يقول النبى صلى الله عليه وسلم عن أحد إنه مؤمن، بمعنى أنه داخل فى أحكام المؤمنين الظاهرة، من المناكحة، والتوارث وحل الذبيحة، والصلاة على [1] أى لطمها على وجهها. [2] صحيح مسلم رقم (537) ، والمسند (5/447) ، والنسائى (2/14) ، وأبو داود رقم (930) ، طبعة الدعاس. [3] وقد جاءت الآية تكملة لإنكار الله تعالى على الأعراب فى دعوى أنهم مؤمنون وقوله (لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) لأنهم أرادوا حقيقة الإيمان فنفاها الله عنهم، وأثبت لهم الإسلام الذى يعنى مطلق الإيمان، لا الإيمان المطلق الحقيقى، والذى تترتب عليه الأحكام الظاهرة، وهو الوجه الصحيح فى الآية.