[1]- اعتقادهم أن الكفر هو التكذيب المجرد، إذ هو ضد الإيمان الذي هو عندهم التصديق المجرد - كما رأيت من كلامهم - مع إن الكفر في الشرع منه كفر تكذيب، وكفر استهزاء، وكفر إباء وامتناع وإعراض، وكفر شك، ويتفرع عن هذا كلامهم في " الاستحلال " - كما سنبين إن شاء الله.
2- عدم فهمهم لعلاقة الظاهر بالباطن وارتباطه به، ومن هنا كانت ضرورة بيان حقيقة الإيمان المركبة - كما سنبين تفصيلا بإذن الله.
3- أنهم جعلوا كفر القلب شرطاً في كفر الجوارح - على مفهومهم للكفر - والحال أن الكفر يكون باللسان وبالجوارح وبالقلب، أي يدخل في الأعمال كما يدخل في الاعتقادات، وذلك كالسجود للصنم وإهانة المصحف عمدا ونحوها.
4- خطؤهم في فهم معنى الجحود الوارد في الشرع، أو إطلاقه على غير ما وضع له شرعاً واستعمله فيه السلف، أو حصره في معني واحد من معانيه.
فالجحود في اللغة وعرف السلف يطلق على الامتناع عن أداء الحق الواجب، وأوضح مثال: تسمية المرتدين جاحدين للزكاة، ومعلوم انهم لم ينكروا أن الله فرض الزكاة، ويقولون إنها ليست من الدين، ولو قالوا ذلك لسموا جاحدين للدين والقرآن، ولما اختلف الصحابة في شأنهم قط، ولما احتيج في الاستدلال على كفرهم إلى قياس ولا غيره، إنما جحدوا الالتزام بها، أي أصروا على ألا يدفعونها - مع الإقرار بأنها من الدين - ولهذا عرضت الشبهة لعمر وغيره في قتالهم، حتى استدل الصديق بما هو مجمع عليه بينهم من تكفير تارك الصلاة (لا جاحد وجوب الصلاة) .
فمناط الاختلاف في أمرهم أولا، ثم مناط الاتفاق على قتالهم وتسميتهم مرتدين أخيرا كان المنع والإباء، وقد بلغ الأمر بالصحابة من زوال الشبهة إلى إن قالوا:"لو أطاعنا أبو بكر كفرنا" [1] ، كما أن أصل الخلاف بين السلف والمرجئة القدماء إنما كان في ترك الطاعات لا في إنكار وجوبها، ولكن مع تطور الظاهرة وتداخل الشبهة ودخول شبهة الإرجاء على بعض الأئمة من الفقهاء أو أتباعهم حصل ما حصل مما سيأتي بيانه وتفصيل الأجوبة عليه بإذن الله.
ومثل " الترك " غيره من الألفاظ - كما سيأتي بيانه.
5 - شبهات نقلية أفردنا لها مبحثاً خاصاً كما سترى. [1] المصنف لابن أبى شيبة (12/265) .