اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير الجزء : 1 صفحة : 431
استكبر عن العبادة استكبر عن الدعاء، وعلى هذا فالوعيد إنما هو حق، من ترك الدعاء استكباراً ومنفعل ذلك كفر. اهـ.
وقال في مجمع البحار: والدعاء الغوث، ومنه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} أي استغيثوا إذا نزل بكم ضر، {دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً} أي جعلوا، {لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ} لن نعبد، يقال دعوته إذا ناديته وإذا سميته، وفيه: أن نساء يدعون أي يطلبن بالمصابيح من جوف الليل، وفيه: "أن ندعو لله ندا" الدعاء النداء ويستعمل استعمال التسمية والسؤال والاستغاثة، وهو هنا متضمن معنى الجعل، وفيه الدعاء وهو العبادة، أي يستأهل أن يسمى عبادة لدلالته على الإقبال عليه والإعراض عما سواه، ويمكن إرادة لغته أي الدعاء ليس إلا إظهار التذلل: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} اعبدوني أثبكم لقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} . اهـ. ملتقطاً.
إذا دريت تلك العبارات فقد عرفت أن الدعاء قد يطلق أيضاً على العبادة، ولكن هناك مباحث: (الأول) : أن هذا ادعاء بلا دليل، وأما ما يذكر له من الشواهد والأمثلة من القرآن المجيد كقوله تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ} وقوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} وقوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثاً} وقوله تعالى: {لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ} وغيرها من الآيات فلا يصلح شاهداً له، إذ يحتمل أن يراد بالدعاء في هذه الآيات كلها السؤال بجلب النفع ودفع الضرر الذي هو معناه الحقيقي، بل هو المتعين، لأنه ليس هناك صارف يصرف عن إرادة المعنى الحقيقي، وقد صرح غير واحد من أهل العلم بأن المراد بالدعاء في قوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} هو السؤال بجلب النفع ودفع الضرر لا العبادة وإن اختلف الناس فيه.
وذكر الإمام الرازي تحت قوله تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} . ما يقتضي أن المراد بالدعاء في هذه الآية طلب المنفعة والمضرة، ونصه هكذا: يعني لو اشتغلت بطلب المنفعة والمضرة من غير الله فأنت من الظالمين، لأن الظلم عبارة عن وضع الشيء في غير موضعه، فإذا كان
اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير الجزء : 1 صفحة : 431