. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(فقل: لا أنكرها) وأولى من ذلك أن لا أتبرأ منها، وهي أصلٌ لأهل التوحيد دون غيرهم، بل أنا وأمثالي أرجي لشفاعته لكوني متمسك بسنته، بل هم المحروم لكونهم تعلقوا بأذيال لا توصّلهم بل هم تركوا سبب شفاعته صلى الله عليه وسلم (بل هو صلى الله عليه وسلم الشافع المشفَّع وأرجو شفاعته، ولكن الشفاعة كلها لله) فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملكها استقلالاً بل لا يشفع إلا في أناس مخصوصين قائم بهم التأهل لأن يشفع لهم (كما قال تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} [1]) . هذا في سياق قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ} فاللام عند جميع العلماء للملك، بيَّنت الآية أن الشفاعة ملك لله وحده وكون النبي صلى الله عليه وسلم أُعطِيها لا استقلالاً من دون الله بل أكرمه المالك لها لأناس مخصوصين في مقدار مخصوص، فهي شيء محدود (ولا تكون إلا من بعد إذن الله كما قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [2]) فأي قائل أو أي إنسان يخرج النبي من هذا العموم.
ولا يشفع في أحد إلا بعد أن يأذن الله فيه كما قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [3]) يعني من رضي الله قولَه وعمله (وهو سبحانه لا يرضى) من عباده إلا عمل واحد هو الإسلام والذي يدور عليه هو التوحيد؛ فالتوحيد منزلته من الإسلام كمنزلة الأساس [1] سورة الزمر، الآية: 44. [2] سورة البقرة، الآية: 255. [3] سورة الأنبياء، الآية: 28.