إذن لا يخوضون في هذا لا كلامًا ولا كتابة وتعليقًا، فتسطير ما جرى بين الصحابة لا خير فيه، اللهم إلا من يكتب للرد على المبطلين وإزاحة الشبه، فيكون هذا الكلام، وهذا التأليف ليس مقصودًا بذاته لا يقصد به مجرد الأحاديث التأريخية والخوض الذي تزجى به الأوقات، ويؤدي إلى تسويد القلوب.
ومن أحسن ما أُثِرَ في هذا قول لعمر بن العزيز -رضي الله عنه ورحمه- لما ذُكِرَ له ما جرى بين الصحابة من حروب كما جرى بين علي ومعاوية -رضي الله عنهما- وبين علي وطلحة والزبير ومن معهما -رضي الله عنهم-. قال: تلك دماء طهَّر الله منها يدي فلا تلوثوا بها لساني. أو كما قال رحمه الله ورضي عنه.
وهذا معنى عظيم، فهذا أصل يجب التفطن له والتمسك به، بل إن هذا المعنى هو الواجب نحو المسلمين ما يكون بينهم، ينبغي الكف عن مساويهم فكيف بأصحاب الرسول الأخيار، خير هذه الأمة.
ثم يقولون من هذا المنطلق، ومن هذا الأصل يقولون: إن ما أُثِرَ وما نقل من مساوئ الصحابة، من المساوئ من تلك الحروب أو غيرها منها ما هو كذب، الأخبار التأريخية كثير منها كذب، منها ما هو كذب، وإن كان الأصل واقع لكن التفصيلات منها ما هو كذب، ومنها ما زيد فيه ونقص وغُيِّرَ عن وجهه، هذا قسم منها.
والصحيح، منه الصحيح مما أُثِرَ من مساوئ الصحابة هم فيه معذورون مأجورون إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون فهم مأجورون بأجر أو أجرين هكذا يجب الكف، والتماس العذر، الكف عن الخوض في مساوئهم والتماس العذر فيما ثبت، وما لم يثبت يرد فيه من أول وهلة.
ما لم يثبت لا ينظر فيه، لكن ما ثبت يُخَرَّج على هذا الوجه، يُخَرَّج على أن ما وقع هو اجتهاد، ولا يعني هذا أن الصحابة معصومون، بل أهل السنة لا يقولون: إن أحدًا من الصحابة معصوم، فالصحابة ليسوا بمعصومين، العصمة إنما هي للرسول - صلى الله عليه وسلم -.