responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الرسالة التدمرية المؤلف : الخميس، محمد بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 273
وإنما ذمّهم لكونهم تأوّلوه على غير تأويله، وذكر في ذلك ما يشتبه عليهم معناه، وإن كان لا يشتبه على غيرهم، وذمهم على أنهم تأولوه على غير تأويله، ولم ينفِ مطلق التأويل، كما تقدم من أن لفظ "التأويل" يراد به التفسير المبيِّن لمراد الله تعالى به، فذلك لا يُعاب بل يُحمد، ويُراد بالتأويل الحقيقة التي استأثر الله بعلمها، فذال لا يعلمه إلا هو، وقد بسطنا هذا في غير هذا الموضع.
ومن لم يعرف هذا اضطربت أقواله، مثل طائفة يقولون: إن التأويل باطل، وإنه يجب إجراء اللفظ على ظاهره؛ ويحتجون بقوله: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] ويحتجون بهذه الآية على إبطال التأويل.
وهذا تناقضٌ منهم؛ لأن هذه الآية تقتضي أن هناك تأويلاً لا يعلمه إلا الله، وهم ينفون التأويل مطلقاً.
وجهة الغلط أن التأويل الذي استأثر الله بعلمه هو الحقيقة التي لا يعلمها إلا هو، وأما التأويل المذموم والباطل فهو تأويل أهل التحريف والبدع الذين يتأولونه على غير تأويله، ويدّعون صرف اللفظ عن مدلوله إلى غير مدلوله بغير دليل يوجب ذلك، ويدّعون أن في ظاهره من المحذور ما هو نظير المحذور اللازم فيما أثبتوه بالعقل؟ ويصرفونه إلى معان هي نظير المعاني التي نفوها عنه! فيكون ما نفوه من جنس ما أثبتوه، فإن كان الثابت حقاً ممكناً كان المنفي مثله، وإن كان المنفي باطلاً ممتنعاً كان الثابت مثله.
وهؤلاء الذين ينفون التأويل مطلقاً، ويحتجون بقوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] قد يظنون أنَّا خوطبنا في القرآن بما لا يفهمه أحد، أو بما لا معنى له، أو بما لا يُفهم منه شيء.
وهذا مع أنه باطل فهو متناقض؛ لأنّا إذا لم نفهم منه شيئاً لم يجز أن نقول: له تأويل يخالف الظاهر ولا يوافقه لإمكان أن يكون له معنى صحيح، وذلك المعنى الصحيح لا يخالف الظاهر المعلوم لنا، فإنه لا ظاهر له على قولهم، فلا تكون دلالته على ذلك المعنى دلالة على خلاف الظاهر فلا يكون تأويلاً، ولا يجوز نفي دلالته على معان لا نعرفها على هذا التقدير، فإنَّ تلك

اسم الکتاب : شرح الرسالة التدمرية المؤلف : الخميس، محمد بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 273
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست