responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الرسالة التدمرية المؤلف : الخميس، محمد بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 272
تعدد الآلهة، كان المحكم كقوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163] ونحو ذلك مما لا يحتمل إلا معنى واحداً يزيل ما هناك من الاشتباه، وكان ما ذكره من صيغ الجمع مبيناً لما يستحقه من العظمة والأسماء والصفات وطاعة المخلوقات من الملائكة وغيرهم.
وأما حقيقة ما دلّ عليه ذلك من حقائق الأسماء والصفات، وما له من الجنود الذين يستعملهم في أفعاله، فلا يعلمه إلا هو: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر: 31] ، وهذا من تأويل المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله.
بخلاف الملك من البشر إذا قال: قد أمرنا لك بعطاء. فقد عُلم أنه هو وأعوانه ـ مثل: كاتبه، وخادمه، ونحو ذلك أمروا به، وقد يُعلم ما صدر عنه ذلك الفعل من اعتقاداته وإرادته ونحو ذلك.
والله سبحانه وتعالى لا يعلم عباده الحقائق التي أخبر عنها من صفاته وصفات اليوم الآخر، ولا يعلمون حقائق ما أراد بخلقه وأمره من الحكمة، ولا حقائق ما صدرت عنه من المشيئة والقدرة.
وبهذا يتبين أن التشابه يكون في الألفاظ المتواطئة، كما يكون في الألفاظ المشتركة التي ليست بمتواطئة، وإن زال الاشتباه بما يتميّز أحد المعنيين من إضافة أو تعريف، كما إذا قيل: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ} [محمد: 15] فهنا قد خصّ هذا الماء بالجنة، فظهر الفرق بينه وبين ماء الدنيا، لكن حقيقة ما امتاز به ذلك الماء غير معلوم لنا، وهو ـ ما أعد الله لعباده الصالحين مما لا عين رأت، ولا أُذُن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ـ من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله..
وكذلك مدلول أسمائه وصفاته التي يختص بها، التي هي حقيقته، لا يعلمها إلا هو.
ولهذا كان الأئمة كالإمام أحمد وغيره ينكرون على الجهمية وأمثالهم من الذين يحرفون الكلم عن مواضعه تأويل ما تشابه عليهم من القرآن على غير تأويله، كما قال الإمام أحمد في كتابه الذي صنّفه في "الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأويله على غير تأويله".

اسم الکتاب : شرح الرسالة التدمرية المؤلف : الخميس، محمد بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 272
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست