اسم الکتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب المؤلف : الأشعري، أبو الحجاج الجزء : 1 صفحة : 74
حمداً[1] نحوز فيه شرف طاعته، ونستمري[2] به جميل مواهبه، وصلى الله على محمد نبيه[3] الداعي إليه والسفير بيننا وبين الذي أيده الله عز وجل بآياته وقطع دواعي الشبه فيه لمعجزاته[4] حتى أنهج السبيل إليه، ونبه على ما في أفعاله من وجود الأدلة عليه بأوضح بيان وأظهر برهان.
حتى غاض[5] الباطل خاسئاً حسيراً، وأضاء الحق غالباً منصوراً، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وعلا بالحجة[6] صلى الله عليه وسلم [7].
أما بعد: أيها الفقهاء والشيوخ من أهل الثغر[8] بباب الأبواب[9] حرسكم الله بسلطانه وأيدكم بنصره. [1] لقد استهل الأشعري مصنفه بحمد الله كما رأينا سابقاً، وهنا أكد هذا الحمد مرة أخرى بقوله: "حمداً"، وهو بهذا يقدم بين يدي رسالته أجمل الثناء والتمجيد لربه عز وجل ليطلب بذلك مدده وتوفيقه. [2] أصل كلمة "نستمري" مرى - قال الكسائي: المري: الناقة التي تدر على من يمسح ضرعها، وقيل هي الناقة الكثيرة اللبن. انظر: لسان العرب 20/144، 145. والأشعري بهذا التعبير يطلب جميل مواهب الله ونعمائه عطاء بعد عطاء، وإمداد بعد إمداد دون توقف أو انقطاع. [3] في (ت) "سيد". [4] في (ت) "بمعجزاته" والمعجزة: أمر يظهر بخلاف العادة على يد مدعي النبوة مع تحديه قومه بها، ومع عجز قومه عن معارضته بمثلها على وجه يدل على صدقه في زمان التكليف. انظر: الفرق بين الفرق للبغدادي ص344 طبعة دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت.
وقد ذكر المصنف بعضاً من المعجزات الحسية كما سيأتي. كما تكلم عن المعجزات المعنوية الكبرى ألا وهي القرآن الكريم، وسيأتي الكلام على ذلك في حينه إن شاء الله تعالى. [5] غاض: معناها نقص، أو غار فذهب، والمغيض هو المكان الذي يغيض فيه الماء، وقال الكسائي في قوله تعالى: {وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} معناه: ما نقص الحمل عن تسعة أشهر، وقالت عائشة رضي الله عنها تصف أباها رضي الله عنه وغاض نبع الردة: أي أذهب ما نبع منها وظهر. انظر: لسان العرب 9/65. [6] لعل أنسب ما يقال في هذا المقام ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً، فذكر بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه". انظر: كتاب بدء الخلق باب 1، 4/73. وسيأتي مزيد تفصيل لذلك فيما يأتي - إن شاء الله تعالى -. [7] في (ت) صلى الله وسلم تسليماً. [8] الثغر من البلاد: الموضع الذي يخاف منه هجوم العدو، فهو كالثلمة في الحائط يخاف هجوم السارق منها، والجمع: ثغور مثل فلس فلوس. المصباح المنير ص81 نشر دار المعارف بالقاهرة. [9] انظر المقدمة لترى تعريفاً شافياً عن باب الأبواب وأهميته في ذلك الوقت واهتمام الأكاسرة به.
اسم الکتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب المؤلف : الأشعري، أبو الحجاج الجزء : 1 صفحة : 74