أعلم [1] - مدى صبره ورضاه بقدر الله - فيصبر ويرضى ويحمد الله تعالى - على كل حال رجاءً في ثوابه الذي أعده للصابرين، فتهون عليه المصيبة ويتقبلها، كما يتقبل المريض مرارة الدواء طمعا في الشفاء.
فإذا عاش المسلم في هذه الحياة كما أمره الله بهذه الروح العالية يعمل للمستقبل الحقيقي الخالد؛ ليسعد السعادة الخالدة التي لا تكدرها مكدرات هذه الحياة، ولا يقطعها الموت، فهو بلا شك السعيد في هذه الحياة الدنيا، والسعيد في الحياة الآخرة بعد الموت، قال الله - تعالى -: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83] وصدق الله العظيم حيث يقول: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97] [1] يأمر الله عباده وينهاهم وهو يعلم من سيطيع ومن سيعصي قبل ذلك، ولكن لكي يظهر هذا العلم حتى يجازى العبد بعمله فلا يقول المسيء: ظلمني ربي حيث عاقبني بذنب لم أفعله، قال الله تعالى: وما ربك بظلام للعبيد.