اسم الکتاب : دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية المؤلف : سعود بن عبد العزيز الخلف الجزء : 1 صفحة : 188
روما، فأوقف الاضطهاد بمرسوم ميلان سنة 313م[1]، وابتدأ النصارى منذ ذلك التاريخ، يظهرون على السطح، وبدأت ديانتهم تنتشر انتشاراً فعلياً على حساب الوثنية التي كانت تدين بها أكثر الشعوب في ذلك الوقت، إلا أن النصرانية نفسها في هذه الفترة المتأخرة قد وصلت إلى الوثنيين وقد أثرت في كثير من دعاتها السنون العجاف المتطاولة التي مرت بهم، فانحرفوا عن دين المسيح عليه السلام وجعلوه ديناً وثنياً يقوم على تأليه ثلاثة آلهة في ثلاثة أقانيم يزعمون أنها إله واحد، ويعتمدون في شرح الديانة وتفصيل العقيدة على الفلسفة، وخاصة الأفلاطونية الحديثة والرواقية، وكان من يسمون بالمدافعين عن النصرانية في تلك العهود جلهم قد درس الفلسفة الوثنية، وربما كان تابعاً لها فترة طويلة ثم تحول إلى النصرانية بفلسفته وسابق تصوراته[2] فهذا كله جعل الوثني لا يجد فرقاً كبيراً بين ما كان يعتقد وما يدعوا إليه النصارى.
وكان لتنصر أباطرة الرومان وأولهم قسطنطين أكبر الأثر في انتشار النصرانية في الدولة الرومانية المترامية الأطراف - والناس على دين ملوكهم- إلا أن تنصر الأباطرة قد جعل النصارى يواجهون مشكلة كبرى وهي وصاية الأباطرة على الديانة وتعاليمها، حيث صارت بعد ذلك في يد الأباطرة الرومان الذين يسيرون العقائد النصرانية وفق أهوائهم، فينصرون من المذاهب ما يتفق مع أهوائهم، فإذا كان هناك أحد يدعوا إلى تعاليم لا يميلون إليها فإنهم يطلبون من النصارى عقد مجمع ويوعز إليهم بطرد ولعن من لا يرغبون، يقول حبيب سعيد: " وباحتضان الإمبراطورية للكنيسة، تعرضت القوى الروحية في [1] انظر تاريخ الكنيسة (2/119) . [2] انظر تأثير الفلسفة الوثنية على النصرانية ص317.
اسم الکتاب : دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية المؤلف : سعود بن عبد العزيز الخلف الجزء : 1 صفحة : 188