مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ} [1].
ومع تلطفه في دعوته طمعاً في هدايتهم، وتذكيره لهم بنعمة الله تعالى عليهم، ومكانته المعروفة لديهم واشتهاره بينهم بالصدق والأمانة وحسن الخلق فيهم مع ذلك كله اتهموه بالسحر، والسفه، وسخروا منه ومن دعوته، وأنهم كان لهم فيه رجاء وطمع قبل أن يظهر عليهم بهذه الدعوة الجديدة، وهذا منطق أعداء الرسل عليهم الصلاة والسلام جميعاً من قبل صالح عليه السلام ومن بعده {قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} [2]، {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ مَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [3].
واستمر عليه السلام في دعوته يلح عليهم ويخوفهم عذاب الله ولم يتبعه منهم إلا القليل المستضعفون فلما رأوا ذلك منه طلبوا منه آية، فأسل الله تعالى الناقة آية وابتلاءاً لهم وحذرهم وأخذ عليهم المواثيق، أن لا يمسوها بسوء[4]، وأنذرهم أن عذابهم مرتبط بذلك وحذرهم أشد التحذير، ولكنهم خالفوه وعصوا أمره وعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم. [1] الآيات من (141 – 152) من سورة الشعراء. [2] الآية (62) من سورة هود. [3] الآيتان (153 – 154) من سورة الشعراء. [4] انظر كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير 2/ 229.