فقد كان الإطراء والغلو سببا لكفر النصارى وقولهم في عيسى عليه السلام غير الحق.
وأخبر عن هلاك المتنطعين فقال: "هلك المتنطعون" [1].
وأنكر على أصحابه المبالغة في المدح والثناء عليه خوفا عليهم من مجاوزة الحد إلى النهي عنه، وحماية لعقيدة التوحيد من أن يمسها دنس واحتياطا في الحفاظ عليها حتى من الأمور التي قد لا تكون في الواقع شركا أو بدعة، روى عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: "انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: أنت سيدنا، فقال: "السيد الله تبارك وتعالى"، قلنا: وأفضلنا فضلا، وأعظمنا طولا، فقال: "قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان" [2].
وروى أنس رضي الله عنه: أن أناسا قالوا: يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، فقال: "يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل" [3].
فالنبي صلى الله عليه وسلم لما أكمل الله له مقام العبودية صار يكره أن يمدح صيانة لهذا المقام، وأرشد أمته إلى ترك ذلك نصحا لهم وحماية لمقام التوحيد أن يدخله ما يفسده، أو يضعفه من الشرك ووسائله[4]. [1] صحيح مسلم بشرح النووي 334/2055. [2] مسند الإمام أحمد 4/24، 25، حديث صحيح. [3] مسند الإمام أحمد 3/153، حديث صحيح. [4] سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، تيسير العزيز الحميد ص 732، 733.