فكانت دعوته عليه الصلاة والسلام أعظم دعوة إلى التوحيد، فالقرآن كله يدعو إلى التوحيد ويأمر به ويبين الأدلة ويضرب الأمثلة لتقريره والنهي عما يخالفه من الشرك وغيره، ويحكي أخبار أهل التوحيد من الرسل وأتباعهم وكيف كانت العاقبة لهم، وأخبار أعدائهم، وكيف كانت الدائرة عليهم، وما وعد الله أهل توحيده من ثواب ونعيم وما توعد به أعداءهم من عقاب وعذاب.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو ذلك على الناس ويبينه لهم قولا وعملا في مكة ثلاث عشرة سنة، وعشر سنوات في المدينة كلها كانت في سبيل دعوة التوحيد، باللسان والسنان، والحجة والبيان، يرسل الرسل ويأمرهم بأن يكون التوحيد أول ما يدعون إليه الناس كما بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن وقال له: "فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله"[1].
وكان يكتب الرسائل إلى الملوك يدعوهم وأقوامهم إلى توحيد الله ويحذرهم من الشرك به سبحانه ويحملهم إثم من تبعهم على ما هم عليه.
وحين أذن الله له في الجهاد أعلن في الناس قوله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" [2] وفي الوقت نفسه يبين لأصحابه مكانة هذا التوحيد وفضله، وينهاهم عن كل [1] تقدم تخريجه ص 198. [2] تقدم تخريجه ص 197.