فكانوا كما قال الله عنهم: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [1].
وقد كانت عزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من هجرته عليه الصلاة والسلام في شهر رمضان أعز الله فيها جنده، وهزم أعداءه شر هزيمة، ولقنت الشرك والمشركين درسا، علموا من خلاله أن النصر والغلبة لا تنال بالخيلاء ولا قوة العدة أو كثرة العدد، ولقد أهلك الله في الغزوة صناديد الشرك والكفر الذين كانوا عقبة في سبيل هذه الدعوة يصدون الناس عنها، ويؤذون من آمن بها.
ثم تتابعت الغزوات بين التوحيد والشرك بعد ذلك فكانت عزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة ثم الأحزاب في السنة الخامسة من الهجرة ثم صلح الحديبية في السنة السادسة من الهجرة إلى أن جاء الفتح الأعظم في السنة الثامنة من الهجرة، فلفظ الشرك في مكة أنفاسه وعلت كلمة التوحيد، وحطمت الأصنام وطهرت منها الكعبة المشرفة بيت الله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحطم الأصنام التي على الكعبة وهو يتلوا قوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} [2]. [1] الآية 47 من سورة الأنفال. [2] الآية 81 من سورة الإسراء.