الأصناف كانت موجودة، وما لم يكن منها موجودا في قريش فقد كان موجودا عند غيرهم من العرب.
طبيعة الدعوة إلى التوحيد في العهد المكي:
أشرت في المبحث السابق إلى الحالة التي كان عليها المجتمع المكي خاصة والعربي عامة قبيل بعثته صلى الله عليه وسلم ووقته، وما كان من ألوان الشرك المختلفة، وصلت بالبشرية وقتئذ إلى دركات الضلال والفساد حتى مقتها الله تعالى، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم إنه قال في إحدى خطبه: "وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظانا" [1].
وفي هذا الوسط المخيف، والمجتمع المتخبط في دياجير الظلم سطع نور الهداية للبشرية ببعثته محمد عليه الصلاة والسلام، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلال والحيرة إلى الهدى والرشاد، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضي بهذا الأمر ويدعو إليه من يثق به ويتوسم فيه القبول، فآمن به نفر كان لهم فضل السبق، وأولهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وخديجة بنت خويلد، وزيد بن حارثة رضي الله عنهم أجمعين، وسارت دعوة التوحيد هذا المسار مدة ثلاثة سنوات وآمن عدد من الناس من مختلف الطبقات ولكن أكثرهم من [1] تقدم تخريجه ص 159.