ولكن العبرة ليست بالكثرة أو القلة، بل باتباع الحق، فأتباع الحق هم الأكثرون ولو كانوا قليلي العدد، وهم الجماعة ولو كان واحداً[1].
الموقف الخامس: موقف ملأ فرعون من دعوة موسى عليه السلام
ملأ فرعون هم بطانته وأعوانه وكبراء قومه الذين يعيشون حوله، يزينون له الباطل ويحببونه إليه، ويظهرون له الحق في صورة الباطل ويكرهونه إليه، ويتفانون في سبيل ذلك، خشية أن يكشف الحق باطلهم وكذبهم، لأنهم يعيشون على حساب غيرهم، ويعلمون أنهم لا بقاء لهم إلا مع بقاء الباطل، وهم في كل زمان ومكان، ومع كل رسول ونبي وداع ومصلح هم حجر عثرة في سبيل دعوة التوحيد سلاحهم الكذب والنفاق والوشاية بأهل الحق، والتحريض عليهم وتلفيق التهم حولهم[2].
وملأ فرعون من أشد هؤلاء فتنة، وأعظمهم شراً، وباختصار اذكر بعض مواقفهم من دعوة التوحيد التي جاء بها موسى عليه السلام:
1- الاستهزاء والسخرية بموسى ودعوته:
وكان ذلك منذ بداية الدعوة حين قابلوا هذه الدعوة بالاستهزاء والازدراء بموسى، وكانوا ينفخون ذلك في فرعون، الذي كان يعتز بهم ويفاخر ويشاورهم في أمر موسى ودعوته. قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلإِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَلَمَّا جَاءَهُمْ [1] انظر: البداية والنهاية لابن كثير 1/ 242، ودعوة الرسل للعدوي ص 278. [2] انظر المرجعين السابقين.