ج- اعتقاد بعض العامة أن السحرة أو الكهان يعلمون الغيب، أو تصديقه لهم في دعواهم معرفة ما سيقع في المستقبل"1"، فمن اعتقد ذلك أو صدقهم فيه فقد وقع في الكفر والشرك المخرج من الملة"2"، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " "3".
"1" ومن ذلك تصديقهم في زعمهم أن الغيث سينزل حتماً في وقت كذا، أو أن الدولة الفلانية ستنتصر في وقت كذا، أو أن فلاناً سيكون حظه كذا، أو سيربح أو سيخسر أو سيموت في وقت كذا ونحو ذلك.
أما ما سبق وقوعه فقد يعلم به الكاهن عن طريق الجن الذين شاهدوا وقوعه وأخبروه فيكون علمه به بإخبار غيره له، وقد يغتر بعض الجهال بذلك فيصدقه في كل ما يخبر به. ينظر شرح مسلم للنووي 14/223، وفتح الباري 10/ 217، وتيسير العزيز الحميد، وفتح المجيد، وقرة عيون الموحدين باب ما جاء في الكهان.
ولا يجوز تصديقهم فيما يزعمون أنه سيقع في المستقبل بدعوى أنهم عرفوا ذلك عن طريق سماع الجن لكلام الملائكة ثم إخبار الكاهن بذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر كما في صحيح البخاري "5762"، وصحيح مسلم "2228" أنهم يكذبون مع الكلمة التي سمعت مائة كذبة، وعليه فمن صدقهم فقد صدق بما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه كذب وبما هو من دعوى علم الغيب، وظاهر الحديث أن من صدقهم بهذه الحجة يكفر، كما قال في تيسير العزيز الحميد ص 358.
"2" ينظر المراجع التي سبق ذكرها قريباً عند الكلام على حكم الكهانة.
"3" سبق تخريجه قريباً. قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله:
ومن يصدق كاهناً فقد كفر
بما أتى به الرسول المعتبر.=