عليه وسلم - له وذلك لحديث عائشة رضى الله عنها قالت: (لما كان يوم الدار قيل لعثمان: ألا تقاتل؟ قال: قد عاهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -على عهد سأصبر عليه , قالت عائشة: فكنا نرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -عهد إليه فيما يكون من أمره) [1] لهذا وضع مصلحة الرعية في المقام الأول، روى الطبري إن معاوية قال لعثمان بن عفان (يا أمير المؤمنين انطلق معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك من لا قبل لك به فإن أهل الشام على الأمر لم يزالوا فقال أنا لا أبيع جوار رسول الله بشيء وإن كان فيه قطع خيط عنقي قال فابعث إليك جندا منهم يقيم بين ظهراني أهل المدينة لنائبة إن نابت المدينة أو إياك؟ قال أنا لا أقتر على جيران رسول الله الأرزاق بجند تساكنهم وأضيق على أهل دار الهجرة والنصرة قال والله يا أمير المؤمنين لتغتالن أو لتغزين قال حسبي الله ونعم الوكيل) [2] وإلى جانب صبره واحتسابه حفظاً لكيان الأمة من التمزق والضياع وقف عثمان- رضي الله عنه - موقف آخر أشد صلابة وهو عدم إجابته الخارجين إلى خلع نفسه من الخلافة فلو أجابهم إلى ما يريدون لسن بذلك سنة , وهي كلما كره قوم أميرهم خلعوه , ومما لا شك فيه أن هذا الصنيع من عثمان كان أعظم وأقوى ما يستطيع أن يفعله إذ لجأ إلى أهون الشرين وأخف الضررين ليدعم بهذا الفداء نظام الخلافة الإسلامية ولهذا احتج عثمان - رضي الله عنه -على المحاصرين بقوله: إن وجدتم في الحق أن تضعوا رجلي في قيد فضعوها [3] ، وفي هذه الظروف العصيبة التي عان منها هذا الشيخ الذي جاوز الثمانين من عمره فهو يتصرف مع هذه الأزمة بحكمة وصبر كما وصاه رسول الله فقد ثبت إن الرسول قال لعثمان (يا عثمان إن ولاك الله هذا الأمر يوما فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك الذي قمصك الله فلا [1] - صححه الألباني في ظلال الجنة حديث رقم 1176 [2] - تاريخ الطبري 2/ 650 [3] - تاريخ خليفة بن خياط ص 77 بتصرف