بالإقامة إلا من جمع هذين الوصفين فما عذر أمريء صبر على المهاون والخسائر ومشاهدة المعاصي والكبائر وهو على مفارقة ذلك كله قادر وما عذره في الصبر على ترك ما وجب عليه وفعل ما حرمه الله تعالى:
لكن هؤلاء فرحوا بما عندهم من المحال وقنعوا بما ألفوه من الخيال وتركب من هذا إيثار ما عندهم على ما سواه وقد يحمل ذلك على أن يأمر بالباطل ويرتضيه ومن لم يأمر به منهم لم ينه عنه بل يقره ولا ينفيه وقد يرجح أهل الشرك والمعاصي على الموحدين:
وهذا مما يبتلى به أهل الأهواء والمعافى من عافاه من إيثار أمر دنياه على أخراه وهذا هو الواقع من بعض هؤلاء وقد ذكر أثمتنا من أهل السنة رحمهم الله تعالى أنه وقع من أناس في زمانهم وقبله لا يبلغ هؤلاء وقد ذكر أئمتنا من أهل السنة رحمهم الله تعالى أنه واقع من أناس في زمانهم وقبله لا يبلغ هؤلاء معشار ما عندهم من الفهم والعلم ولا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل ولقد أحسن من قال:
يقضى على المرء في أيام محنته ... حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن
والبصير لا يغتر باستحسان هؤلاء وأمثالهم ما ركبوه وزينوه من باطلهمولا بتركهم الحق واستهجانهم له ولأهله فإن الله تعالى ميز الخلق بإرادتهم[1] وأعمالهم وأقوالهم وبين الصادق من الكاذب وتدبر كتاب الله وتفكر في آياته وحججه وبيناته ولقد أحسن من قال شعرا:
فالحق شمس والعيون نواظر ... لا تختفى[2] إلا على العميان3
وأما قوله: ومن كفر مسلما فهو الكافر.
فالجواب: أنه ما من أحد إلا وهو يدعي الإسلام لنفسه ولكل قول حقيقة وقد ذكر شيخنا رحمه الله تعالى: تعريفا جامعا لأصل الإسلام قال: وأصل دين الإسلام وقاعدته أمران: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له والتحريض على ذلك والموالاة فيه وتفكير من تركه. الثاني: الإنذار عن الشرك في عبادة
1 "ط": بإرادتهم.
2 "ط": لكنها تخفى.
3 الكفاية الشافية في الإنتصار للفرقة الناجية 252.