بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 188] يفرحون بما أتوا من البدعة والضلالة ويحبون أن يحمدوا بإتباع السنة والإخلاص وهذا يكثر فيمن انحرف من المنتسبين إلى العلم والعبادة عن الصراط المستقيم فإنهم يرتكبون البدع والضلالات والرياء والسمعة ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من الاتباع والإخلاص والعلم فهم أهل الغضب والضلال.
وأما قول المعترض المفتري- في وصف نفسه في تلك الحالة- أنه هاجر للمنا هي عامل بالأوامر فهذا[1] في غاية التناقص والمكابرة فقد أقر قبل ذلك بأنه كان في إقامته معهم صابرا على ما ينو به منهم من المهاون والخسائر؟
فإذا كان في عدادهم وفي سوادهم وطاعتهم ومعونتهم بالمال فلا ريب أن هذا كله من المناهي فهو في أوامر أولئك الخلق لا في رضي الإله الحق وكلامه يناقض بعضه بعضا فإن العامل بأوامر الله الهاجر لمناهيه لا تكون حاله كذلك من موالاة الباطل والركون إليه ومظاهرة أهله وتعظيمهم والتذلل لهم والخضوع بين أيديهم وكل هذه الأمور قد أسجل الله في كتابه على فاعلها بالوعيد الشديد وسلب الإيمان وحبوط الأعمال والله المستعان.
فلو ترك هؤلاء المراء والجدل[2] وأحجموا عن هذه الترهات وتابوا وأنابوا إلى عالم السر والخفيات[3] لكان خيرا لهم:
وأما قوله: فذاك عندنا المسلم المهاجر!!!
فأقول: ألا تعجبون يا إخواني من هذا المسكين وأيم الله لا يقول هذا من له أدني[4] مسكة من عقل يدعي الهجرة ويقصرها على من تركها رأسا أين ذهب عقله عن قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً} [الحج: 58] وقوله: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} [النساء: 100] وقوله: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [1] الأصل: وهذا.
2 "ط": والجدال.
3 "ط": والخفايات.
4 "ط": أدنى. ساقطة.