[يونس: 31] وقوله: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون: 84] الآيات. فإذا أقروا أن الله رب كل شيء ومليكه وأنه المتصرف في جميع خلقه لزمهم أن يعبدوه[1] وحده فإن الإقرار بهذا التوحيد يستلزم الإقرار بالنوع الآخر ولا بد منهما جميعا.
وأما الثالث من أنواع التوحيد: فهو أن نصف الله تعالى بما وصف به نفسه ووصفه به[2] رسوله على ما يليق بجلال الله إثباتا بلا تمثيل وتنزيها بلا تعطيل فإن صفات الرب تعالى وأسماءه[3] تدل على كمال الرب تعالى وتنفي عن الله ما نفى عن نفسه ونفى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من كل ما ينافي كمال حياته وقوميته وكمال غناه كما نزهه الله نفسه ونزهه[4] عنه رسوله صلى الله عليه وسلم كما قال: ِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص] .
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "أن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام" الحديث[5] ونحو هذا – مما نزه الله عنه نفسه ونزهه الله عنه رسوله صلى الله عليه وسلم[6]- كثير في الكتاب والسنة فالمهديون المؤمنون يثبتون ما أثبته الله ورسوله من معاني أسمائه وصفاته على ما يليق بجلاله وينفون عنه مشابهة المخلوقين وسمات المحدثين وينفون عنه ما نفى عن نفسه ونفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من كل ما لا يليق به والله أعلم.
فما أعز من يعرف حقيقة التوحيد بل ما أعز من لا يعادي من عرفه ودعا إليه فلقد عم الجهل بالتوحيد حتى نسب أهله إلى الابتداع ونسب من أنكره إلى الاتباع.
وما أحسن ما قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: – لما ذكر حديث "بدأ [1] الأصل: لزمه أن يعبده.
2 "ط": به. ساقطة. [3] الأصل: وأسمائه. تحريف.
4 "ط": ونزهه. تحريف. [5] ما بينهما معلق في هامش الأصل وعليه كلمة صح. [6] قطعة من حديث أخرجه مسلم في الصحيح رقم 179 وابن ماجة في السنن رقم 183 وأحمد في المسند 4/405,401,395 وابن خزيمة في كتاب التوحيد رقم 101,100,32,28 وابن منده في كتاب الإيمان رقم 775-779 من حديث أبي موسى.