لأنهم قد وضعوا علمًا لذلك سمَّوه (علم مصطلح الحديث) ، يدخل فيه علم الجرح والتعديل؛ فمن رجع إلى هذا الفن رَدَّ الخلاف إليه؛ فلم يبقَ بعد ذلك عنده شك في أن هذا الحديث إما صحيح أو حسن، أو ضعيف أو موضوع. والله الموفّق.
هذا خلاف المحدثين في فروع الفقه، وأما في العقائد فلم يختلفوا قط؛ بل كلهم مجمعون على إثبات الصفات لله ـ تعالى ـ التي جاء بها القرآن وصحَّت بها الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من غير تأويل ولا تمثيل؛ فرحم الله الإمام السفاريني الحنبلي حيث يقول في عقيدته التي سمَّاها «الدرة المضية» :
ألم ترَ اختلاف أهل النظرِ ... وحُسْن ما نحاه أهلُ الأثرِ
فإنهم قد اقتدوا بالمصطفى ... نبيهم فاقنع بهذا وكفى
فصل
ولعلَّ قائلًا يقولُ: قد ذكرتَ فيما مضى أنّه لا بُدّ من وقوع التنازع والاختلاف في الأحكام الشرعية كما أخبر الله، وكيف يستقيم هذا والله ـ سبحانه وتعالى ـ نهانا عن التفرق في الدين بقوله: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا} ، وقوله: {ولا تكونوا