بنبيّنا إليك فتسقينا، وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا» ، وهو في «صحيح البخاريّ» وغيره؛ فقد ذكر عمر ـ رضي الله عنه ـ أنّهم كانوا يتوسّلون بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم في حياته في الاستسقاء، ثم توسّل بعمّه العبّاس بعد موته، وتوسّلهم هو استسقاؤهم؛ بحيث يدعو ويدعون معه؛ فيكون هو وسيلتهم إلى الله ـ تعالى ـ، والنّبيّ صلى الله عليه وسلم كان في مثل هذا شافعًا وداعيًا لهم.
والقول الثاني: أنّ التّوسّل به صلى الله عليه وسلم يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه.
ولا يخفاك أنّه قد ثبت التّوسّل به صلى الله عليه وسلم في حياته، وثبت التّوسّل بغيره بعد موته بإجماع الصّحابة إجماعًا سكوتيًّا؛ لعدم إنكار أحد منهم على عمر ـ رضي الله عنه ـ في توسّله بالعبّاس ـ رضي الله عنه ـ.
وعندي: أنّه لا وجه لتخصيص جواز التّوسّل بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم ـ كما زعمه الشّيخ عِزّ الدين بن عبد السّلام؛ لأمرين:
الأوّل: ما عرّفناك [به] من إجماع الصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ.
والثّاني: أنّ التّوسّل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو ـ في التّحقيق ـ توسّل بأعمالهم الصّالحة ومزاياهم الفاضلة؛ إذ لا يكون الفاضل فاضلًا إلَّا بأعماله. فإذا قال القائل: اللهمّ إنّي أتوسّل إليك بالعالم الفلانيّ؛ فهو باعتبار ما قام به من العلم، وقد ثبت في «الصّحيحين» وغيرهما: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم حكى عن الثّلاثة الذين انطبقت عليهم الصّخرة، أنّ كلّ واحد منهم توسّل إلى الله بأعظم عمل عمله؛ فارتفعت الصّخرة؛ فلو كان