شجر أو حجر فإنَّ ذلك لا يكون شركاً ما لم يعتقد العابد فيها أنَّ لها شيئاً من صفات الربوبية، وعلى هذا فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو يدعو من دون الله ندّاً دخل النَّار" ينقصه هذا القيد "وهو أن يعتقد في المدعو شيئاً من صفات الربوبية"!!.
وهل أهل العلم من الصحابة والتابعين وأتباعهم لم يفطنوا لهذا القيد ولا عرفوه حتى جاء هذا الكاتب وأمثاله في القرن الرابع عشر فنبهوا عليه "لقد جئتم ببدعة ظلماً، أو فقتم أصحاب محمد علماً"! فسبحان الله هدى من شاء إلى الحق بفضله وخذل من شاء من الخلق بعدله، له الحكمة البالغة.
وعلى كلٍّ فهذه الدعوى التي ادَّعاها الكاتب وانتصر لها هي دعوى كاذبة مناقضة لأصول الدين ومخالفة لأسسه وقواعده، ومضادة لأدلة الكتاب والسنَّة؛ فإنَّ نصوص القرآن الكريم المشتملة على الدعوة إلى إخلاص الدين لله وإفراده وحده بجميع أنواع العبادة وهي كثيرة جداً فيها أبلغ رد على الكاتب في دعواه المتقدمة.
ومن ذلك قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَّتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً يُّحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالذِينَءَامَنُوا أَشَدُّ حُبّاً للهِ} [1].
ففي هذه الآية "يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا وما لهم في الدار الآخرة، حيث جعلوا أنداداً، أي: أمثالاً ونظراء يعبدونهم معه ويحبونهم كحبه، وهو الله لا إله إلا هو، ولا ضدَّ له ولا ندَّ له، ولا شريك معه، وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أيّ الذنب [1] سورة البقرة، الآية 165.