رجل من المشركين كان شديداً على المسلمين فنذر أحدهم قتله، ثم جاء المشرك ليسلم، فكف النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مبايعته مراراً، ثم بايعه، فقال الناذر: أني نذرت ... القصة، وفيها أيضاً: «أنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين» .
فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب قتل الرجلين إما لأنه قد سبق منهما من شدة الكفر والإسراف ما أحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينالهما عاقبه في الدنيا والآخرة كما قص الله تعالى من دعاء موسى وهارون على آل فرعون: «رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ» يونس: 88.
وأما لمعنى آخر يعلم بالتدبر وكأنه ألطف من هذا. فقد أحب - صلى الله عليه وسلم - قتل الرجلين، لكن كره أن يصرح بالأمر يذلك في تلك الحال لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل من جاءه تائباً، فأما إذا قتلا بدون أمر جديد منه فإنه يقال: إنهما قتلا بدون أمره، وكره أن يومض لأن الإيماض من شعار أهل الغدر لا ينبغي للأنبياء.
أقول: فإذا لم ينبغي للأنبياء الإيماض في الحق لأنه في الجملة من شعار أهل الغدر فكيف ينبغي لهم [1] الكذب وهو نفسه قبيح مذموم؟ !
وقال ابن حجر في (الفتح) «باب الكذب في الحرب» : «قال
= المعكوفين، إنما وضعه المصنف بينهما إشارة ألا أنها ليست في «المستدرك» ، وإنما هي عند من ذكرنا بلفظ «فبايعه» . ن [1] كذا الأصل ولا غبار عليه في الأسلوب العربي: ففي القرآن: (وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا) وفيه (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ) . أي لا يجوز، فلا أدري ما الذي ما الذي بدأ لفضيلة الشيخ محمد عبد الرزاق من هذه الكلمة «ينغى لهم» حتى كتب في الأصل فوقها كالمصحح لها «يجوز عليهم» مع أن المعنى واحد، واللفظ على الأسلوب القرآني فهو أفصح. ن