وأما الفراسة، فإن المتفرس يمكنه أن يشرح لغيره تلك الدلائل التي تنبه لها، فإذا شرحها عرفت فإن كانت مما يعتد به عملت بها لا بالفراسة.
فصل
مهما يكن في المأخذين الخلفيين من الوهن فإننا لا نمنع أن يستند إليها فيما ليس من الدين ولا يدفعه الدين، بل لا ندفع أن يكون فيهما ما يوصل في كثير من ذلك إلى اليقين، فإن الشرع لم يتكفل ببيان ما ليس من الدين. وكذلك لا نرى كبير حرج في الاستئناس بما يوافق المأخذين السلفيين بعد الاعتراف بأنهما كافيان شافيان، إذ لا يلزم من كفايتهما أن لا يبقى في غيرهما ما يمكن أن يستدل به على الحق، وإنما الممنوع الباطل هو زعم أنهما غير وافيين ببيان الحق في الدين.
ولم يقتصر المتعمقون على هذا الزعم الباطل، بل صاروا إلى عزلهما عن بيان الحق في العقائد البتة، حتى آل بهم الضلال إلى نسبة الكذب إلى الرسل عليهم الصلاة والسلام، بل إلى رب العالمين سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.