قلت: قد كشف الشرع حالها بالدلالات القاطعة من المأخذين السلفيين على كذب الدجال، ولم يكتف بذلك بل نص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على خروج الدجال وكذبه وظهور ما يظهر على يده، وأن ذلك ابتلاء محض.
الثالث: حيث لورفض خرقها لكان حجة أخرى تقوم مقام العادة، كما تقول أن من الحجة على إعجاز القرآن أن العرب لم يأتوا بسورة من مثله مع تحديه لهم وتوفر الدواعي أن يفعلوا لوأمكنهم. ففي هذا القول إن فرض الخرق بأن يقال: لعلهم كانوا قادرين ولكن صرفهم الله عز وجل، فهذا الصرف حجة أخرى على الأعجاز.
الرابع: حيث يكون مع العادة حجج أخرى لوفرض أن بعضها كالعادة لا يفيد إلا الظن لم يضر ذلك لأن القطع حاصل بالمجموع.
الخامس: حيث يكفي الظن. والله الموفق.
الأمر الثالث: أن للأمزجة والعادات تأثيراً في الاعتقادات، فقوي القلب يستحسن الإيلام، وضعيف القلب يستقبحه، ومن مارس مذهباً من المذاهب برهة من الزمان ونشأ عليه فإنه يجزم بصحته وبطلان ما يخالفه ... » .
قال العضد: «والجواب أنه لا يدل على كون الكل كذلك» .
أقول: هذا حق ولكن فيه اعتراف بأن ذلك واقع في كثير، وهذا كاف في القدح في جزم العقل في الجملة، لأن إذا ثبت أن جزمه قد يكون خطا لسبب لم يؤمن أن يكون خطأ في موضع آخر لذلك السبب أولسبب آخر.
نعم، قد تتضح القضية جداً فلا يخشى فيها ذلك، كقولنا: الثلاثة اقل من الستة، سوالقضايا التي يختص بها المتعمقون ليست من هذا القبيل ولا قريباً منه، ولا سيما قضاياهم التي يناقضون بها المأخذين السلفيين، وكفى بمناقضتها لها حجة على اختلالها. فأما قضايا السلفيين فما لم يكن منها من ذاك القبيل فهو قريب منه، وقد