يوجد إلى غيره حتماً، وإن كان متصفاً به وقعتم فيما فررتم منه.
وفي (حواشي عبد الحكيم) على (شرح المواقف) : «الصواب عندي أن لا إيجاد ههنا بل هو اقتضاء الماهية للوجود، والمقتضي لا يلزم أن يكون موجداً، ألا ترى أن الماهيات مقتضية للوازمها وليست فاعلة لها ... كيف والإيجاد الخارجي لابد له من موجود وموجد في الخارج، وليس في الخارج ههنا إلا الماهية المقتضية للوجود، واعتبار التعدد فيها باعتبار أنها من حيث هي موجد ومن حيث الاتصاف بالوجود موجد إنما هو في الذهن» . (1)
أقول: فمن فهم هذا وقنع به فذاك، وإلا فينبغي أن يدع التعمق ويرجع إلى اليقين وهو أن الله عز وجل هو الحق الذي لم يزل، وأنه خالق كل شيء، وليستعذ بالله ولينته [2] .
(1) أقول: وهذا الهوس نظير ما في الحديث من وسوسة الشيطان بقوله: هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله؟. وعلاجه الاستعاذة بالله واللجوء إلى طب الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين. م ع [2] وليحمد الله أن عافاه من تفكير يؤدي إلى أن الله موجد - بتفج الجيم - في الذهن، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - فإن ابتليت من هذا الهو س فخدر نفسك من الجهل والغباوة والاشتغال بشيء من علوم الدنيا فلك وجبر وهندسة حتى تصحومن تلك السكرة ثم ابتدئ التفكير والنظر بأسلوب الأنبياء والصديقين وخذه من القرآن والحديث، وسيرة الرسول وخلفائه وسلف الأمة وسر في ركابهم واربط رقبتك في عجلتهم وتلمس غبار غبار قافلتهم، فإن نازعتك نفسك الا البحث الضيق فزج بها في أحضان علوم الكون والخليقة من فلك وطب وزراعة وسياسة واجتماع وصناعة فهي بحار تكفي لسباحة السابحين وخوض الخائضين، والغرق فيها مأمون العاقبة لا يخشى عليه الهلاك الأبدي والكفر بالله تعالى، بل أما انقاذ إلى شاطئ الحياة الدنيا، أو الموت على الإسلام شهيداً أو قريباً من صفوف الشهداء، ببركة البعد عن شكوك الشاكين في الله تعالى، وببركة السير على صراط أنبياء الله ورسله والصديقين والصالحين من عباده وحسن أولئك رفيقاً. م ع