المقصد الثالث
المتكلم: كيف تكون تلك الإشارات غير بينة؟ وفيها قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» واسمه تعالى «الواحد» و (قل هو الله أحد) السورة.
السلفي: أما قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» فمثل الشيء - في لغة العرب - نظيره الذي يقوم مقامه ويسد مسده. وعند اكثر المتكلمين: مشاركة في جميع الصفات النفسية. وعند أكثر المعتزلة: مشاركة في أخص وصف النفس. وقال قدماء المتكلمين كما في (المواقف) «ذاته تعالى مماثلة لسائر الذوات، وإنما تمتاز عن سائر الذوات بأحوال أربعة: الوجوب والحياة «التامة» والعلم التام والقدرة التامة ... » قال السيد في (شرحه) : «قالوا ولا يرد علينا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» . لأن المماثلة المنفية ههنا المشاركة في أخص صفات النفس دون المشاركة في الذات والحقيقة» .
وقال النجار: مثل الشيء مشاركة في صفة لإثبات وليس أحدهما بالثاني. وألزموه: «مماثلة الرب للمربوب إذ يشتركان في بعض الصفات الثبوتية كالعالمية والقادرية» كذا في (المواقف) (وشرحها) وفيما بعد ذلك «هل يسمى المتخالفان المتشاركان في بعض الصفات النفسية أو غيرها مثلين باعتبار ما اشتركا فيه؟ لهم فيه تردد وخلاف ويرجع إلى مجرد الاصطلاح ... وعليه ... يحمل قول النجار ... فالله مماثل عنده للحوادث في وجوده عقلاً أي بحسب المعنى والنزاع في الاطلاق ... »
أقول: وليس في النصوص التي ينكر المتكلمون معانيها ما يظهر منه إثبات مناظرة على الإطلاق بين الله عز وجل وغيره، ولا مشاركة في جميع الصفات النفسية، ولا في أخص وصف النفس، فإذا حملت المماثلة المنفية في الآية على واحد