اسم الکتاب : الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : عبد الرحمن بن عبد الخالق الجزء : 1 صفحة : 21
ورسوله فقد غوى) (رواه مسلم 6/159 ـ بشرح النووي) وأحمد (4/256 و379) .
فهذا الخطيب قد قاطعه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقبَّح قوله أمام الناس، والسبب أنه جمع بين الله ورسوله في ضمير واحد (ومن يعصهما) فأمره الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن يعيد ذكر الإسم الظاهر لله ولرسوله، حتى لا يُظن ولو من بعيد أن منزلة الرسول كمنزلة الله ـ عز وجل ـ. وهذا الحرص من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ دليل على وجوب صون جناب توحيد الله ـ تبارك وتعالى ـ صونًا كاملًا، ووجوب التفريق التام بين ما يجب لله ـ عز وجل ـ وما يجب لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
ج ـ والدليل الثالث أن عثمان بن مظعون ـ رضي الله عنه ـ وكان من خيار الصحابة، لما توفي، وحضر عنده الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ سمع الصحابية الجليلة أم العلاء تقول: شهادتي عليك أبا السائب أن الله قد أكرمك. . فرد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قائلًا: (وما يدريك أن الله قد أكرمه؟) وكان هذا تنبيهًا عظيمًا من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهذه الصحابية بأنها قد حكمت بحكم غيبي، وهذا لا يجوز، لأنه لا يطلع على الغيب إلا الله ـ عز وجل ـ ولكنها ردت قائلة: سبحان الله يا رسول الله! ! ومن يكرم الله إذا لم يكرمه؟ أي إذا لم يكن عثمان بن مظعون ـ رضي الله عنه ـ ممن يكرمهم الله ـ تبارك وتعالى ـ فمن بقي منا حتى يكرمه الله ـ تبارك وتعالى ـ.
وهذا رد في غاية البلاغة والفهم. ولكن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رد عليها بما هو أبلغ من ذلك حيث قال لها: (والله إني لرسول الله لا أدري ما يفعل بي غدًا) وكان هذا نهاية الأمر وحسمه، فالرسول بنفسه وهو من هو صلوات الله وسلامه عليه يجب أن يظل خائفًا مترقبًا {يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} [الزمر: 9] . وهنا وصلت أم العلاء إلى الحقيقة الشرعية العظيمة فقالت: والله لا أزكي بعده أحدًا أبدًا رواه البخاري (3/358 و6/223 و224 و8/266 و6/49 و69 ـ من الفتح) وأحمد (6/436) عن أم العلاء الأنصارية بنحوه) .
وهذا الأصل مقرر في الشريعة في آيات وأحاديث كثيرة، منها قوله ـ تبارك وتعالى ـ: {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من
اسم الکتاب : الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : عبد الرحمن بن عبد الخالق الجزء : 1 صفحة : 21