responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 55
الْكَذِب هُوَ وَهَذَا مَا لَا انفكاك مِنْهُ وَهَذَا يلْزم الأشعرية الَّذين يَقُولُونَ بِأَن علم الله تَعَالَى وَقدرته هما غير الله تَعَالَى الله عَمَّا يَقُولُونَ علوا كَبِيرا وَمِمَّا يعْتَرض بِهِ علينا الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَمن ذهب إِلَى إِسْقَاط الكواف من سَائِر الْمُلْحِدِينَ إِن قَالَ قَائِلهمْ قد نقلت الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَن الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام قد صلب وَقتل وَجَاء الْقُرْآن بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقتل وَلم يصلب فَقولُوا لنا كَيفَ كَانَ هَذَا فَإِن جوزتم على هَذِه الكواف الْعِظَام الْمُخْتَلفَة الْأَهْوَاء والأديان والأزمان والبلدان والأجناس نقل الْبَاطِل فَلَيْسَتْ بذلك أولى من كافتكم الَّتِي نقلت أَعْلَام نَبِيكُم وشرائعه وَكتابه
فَإِن قُلْتُمْ اشْتبهَ عَلَيْهِم فَلم يعْتَمد وانقل الْبَاطِل فقد جوزتم التلبيس على الكواف فَلَعَلَّ كافتكم أَيْضا متلبس عَلَيْهَا فَلَيْسَ سَائِر الكواف أولى بذلك من كافتكم وتولوا لنا كَيفَ فرض الْإِقْرَار بصلب الْمَسِيح عنْدكُمْ قبل وُرُود الْخَبَر عَلَيْكُم بِبُطْلَان صلبه وَقَتله فَإِن قُلْتُمْ كَانَ الْفَرْض على النَّاس الْإِقْرَار بصلبه وَجب من قَوْلكُم الْإِقْرَار أَن الله تَعَالَى فرض على النَّاس الْإِقْرَار بِالْبَاطِلِ وَأَن الله تَعَالَى فرض على النَّاس تَصْدِيق الْبَاطِل والتدين بِهِ وَفِي هَذَا مَا فِيهِ وَإِن قُلْتُمْ كَانَ الْفَرْض عَلَيْكُم الْإِنْكَار لصلبه فقد أوجبتم أَن الله تَعَالَى فرض على النَّاس تَكْذِيب الكواف وَفِي هَذَا إبِْطَال قَول كافتكم بل إبِْطَال جَمِيع الشَّرَائِع بل إبِْطَال كل خبر كَانَ فِي الْعَالم عَن كل بلد وَملك وَنَبِي وفيلسوف وعالم ووقعتم وَفِي هَذَا مَا فِيهِ
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ هَذِه الإلزامات كلهَا فَاسِدَة فِي غَايَة الْحِوَالَة والاضمحلال بِحَمْد الله تَعَالَى وَنحن مبنيون ذَلِك بالبراهين الضرورية بَيَانا لَا يخفى على من لَهُ أدنى فهم بحول الله تَعَالَى وقوته
فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق إِن صلب الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام لم يقلهُ قطّ كَافَّة وَلَا صَحَّ بالْخبر قطّ لِأَن الكافة الَّتِي يلْزم قبُول نقلهَا هِيَ إِمَّا الْجَمَاعَة الَّتِي يُوقن أَنَّهَا لم تتوطا لتنابذ طرقهم وَعدم التقائهم وَامْتِنَاع اتِّفَاق خواطرهم على الْخَبَر الَّذِي نقلوه عَن مُشَاهدَة أَو رَجَعَ إِلَى مُشَاهدَة وَلَو كَانُوا اثْنَيْنِ فَصَاعِدا وَإِمَّا أَن يكون عدد كثير يمْتَنع مِنْهُ الِاتِّفَاق فِي الطبيعة على التَّمَادِي على سنَن مَا تواطؤا عَلَيْهِ فَأخْبرُوا بِخَبَر شاهدوه وَلم يَخْتَلِفُوا فِيهِ فَمَا نَقله أحد أهل هَاتين الصفتين عَن مثل أَحدهمَا وَهَكَذَا حَتَّى يبلغ إِلَى مُشَاهدَة فَهَذِهِ صفة الكافة الَّتِي يلْزم قبُول نقلهَا ويضطر خَبَرهَا سامعها إِلَى تَصْدِيقه وَسَوَاء كَانُوا عُدُولًا أَو فساقاً أَو كفَّارًا وَلَا يقطع على صِحَّته إِلَّا ببرهان فَلَمَّا صَحَّ ذَلِك نَظرنَا فِيمَن نقل خبر صلب الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام فوجدناه كواف

اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 55
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست