responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 32
سواهُ إِذْ لَا يجمعه مَعَ شَيْء سواهُ عدد وَلَا صفة الْبَتَّةَ لِأَن كل مَا وَقع عَلَيْهِ اسْم وَاحِد مِمَّا دونه تَعَالَى فَإِنَّمَا هُوَ مجَاز لَا حَقِيقَة لِأَنَّهُ إِذا قسم استبان أَنه كَانَ كثيرا لَا وَاحِدًا فَلذَلِك وَقع الْعدَد على الأجرام والأعداد الْمُسَمَّاة آحاداً فِي الْعَالم وَأما الْوَاحِد فِي الْحَقِيقَة فَهُوَ الَّذِي لَيْسَ كثيرا أصلا وَلَا يتكثر بِوَجْه من الْوُجُوه فَلَا يَقع عَلَيْهِ عدد بِوَجْه من الْوُجُوه لِأَنَّهُ يكون حِينَئِذٍ وَاحِدًا إِلَّا وَاحِدًا كثيرا إِلَّا كثيرا وَهَذَا تَخْلِيط ومحال وممتنع لَا سَبِيل إِلَيْهِ فَلَا يجوز أَن يُضَاف الْوَاحِد الأول إِلَى شَيْء مِمَّا دونه لَا فِي عدد وَلَا كمية وَلَا فِي جنس وَلَا فِي صفة وَلَا فِي معنى من الْمعَانِي أصلا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق فَإِن ذكر ذَاكر قَول الله تَعَالَى مَا يكون من نجوى ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ رابعهم وَلَا خَمْسَة إِلَّا هُوَ سادسهم وَلَا أدنى من ذَلِك وَلَا أَكثر إِلَّا هُوَ مَعَهم أَيْنَمَا كَانُوا فَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى هُوَ رابعهم وَهُوَ سادسهم إِنَّمَا هُوَ فعل فعله فيهم وَهُوَ أَن ربعهم بإحاكته بهم لَا بِذَاتِهِ وسدسهم بإحاطته لَا بِذَاتِهِ أَو قد يربعهم بِملك يشرف عَلَيْهِم ويسدسهم كَذَلِك وبرهان هَذَا القَوْل أَن الله تبَارك وَتَعَالَى إِنَّمَا عَنى بِهَذِهِ الْآيَة بِلَا خلاف بل بضرورة الْعقل من كل سامع أَنه لَا يخفي عَلَيْهِ نَجوَاهُمْ وَهَذَا نَص الْآيَة لِأَنَّهُ تَعَالَى افتتحها بِذكر نجوى المتناجين إِنَّمَا أَرَادَ عز وَجل علمه بنجواهم إِلَّا أَنه مَعْدُود مَعَهم بِذَاتِهِ إِلَى ذواتهم حاشى لله من ذَلِك إِذْ من الْمحَال الْمُمْتَنع الْخَارِج عَن رُتْبَة الْأَعْدَاد والمعدودين أَن يكون الله عز وَجل معبودا بِذَاتِهِ مَعَ ثَلَاثَة بِالْهِنْدِ وَمَعَ ثَلَاثَة بالسند وَمَعَ ثَلَاثَة بالعراق وَمَعَ ثَلَاثَة بالصين فِي وَقت وَاحِد لِأَنَّهُ لَو كَانَ ذَلِك لَكَانَ الَّذين هُوَ رابعهم بِالْهِنْدِ مَعَ الثَّلَاثَة الَّذين هُوَ رابعهم بالصين ثَمَانِيَة لأَنهم أَرْبَعَة وَأَرْبَعَة بِلَا شكّ فَكَأَن تَعَالَى حِينَئِذٍ يكون اثْنَيْنِ وَأكْثر وَهَذَا محَال وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ بِذَاتِهِ سادساً لخمسة هَا هُنَا سِتَّة ورابعاً لثَلَاثَة هُنَالك فهم أَرْبَعَة فهم كلهم بِلَا شكّ عشرَة فَهُوَ إِذا اثْنَان وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى فِي الْآيَة نَفسهَا إِلَّا هُوَ مَعَهم أَيْنَمَا كَانُوا إِنَّمَا أضَاف الأينية إِلَيْهِم لَا إِلَى نَفسه تَعَالَى مَعْنَاهُ أَيْنَمَا كَانُوا فَهُوَ تَعَالَى مَعَهم بإحاطته إِذْ محَال أَن يكون بِذَاتِهِ فِي مكانين فَبَطل اعتراضهم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين كثيرا وَلَيْسَ قَول الْقَائِل الله وَرَسُوله أَو الله وَعمر مِمَّا يعْتَرض بِهِ علينا لأننا لم نمْنَع من ضم اسْمه تَعَالَى إِلَى اسْم غَيره لِأَن الِاسْم كلمة مركبة من حُرُوف الهجاء وَإِنَّمَا منعنَا من أَن تعد ذَاته تَعَالَى مَعَ شَيْء غَيره إِذْ الْعدَد إِنَّمَا هُوَ جمع شَيْء إِلَى غَيره فِي قَضِيَّة مَا وَالله تَعَالَى لَا يجمعه وخلقه شَيْء أصلا فصح انْتِفَاء الْعدَد عَنهُ تَعَالَى وَإِذا صَحَّ انْتِفَاء الْعدَد عَنهُ صَحَّ أَنه لَيْسَ معدوداً الْبَتَّةَ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين ويسألون أَيْضا هَذَا الزَّمَان وَالْمَكَان اللَّذَان

اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست