responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 15
بَاطِل عِنْد من هِيَ عِنْده بَاطِل أَن الشَّيْء لَا يكون حَقًا باعتقاد من اعْتقد أَنه حق كَمَا أَنه لَا يبطل باعتقاد من اعْتقد أَنه بَاطِل وَإِنَّمَا يكون الشَّيْء حَقًا بِكَوْنِهِ مَوْجُودا ثَابتا سَوَاء اعْتقد أَنه حق أَو اعْتقد أَنه بَاطِل وَلَو كَانَ غير هَذَا لَكَانَ الشَّيْء مَعْدُوما مَوْجُودا فِي حَال وَاحِدَة فِي ذَاته وَهَذَا عين الْمحَال وَإِذا أقرُّوا بِأَن الْأَشْيَاء حق عِنْد من هِيَ عِنْده حق فَمن جملَة تِلْكَ الْأَشْيَاء الَّتِي تعتقد أَنَّهَا حق عِنْد من يعْتَقد أَن الْأَشْيَاء حق بطلَان قَول من قَالَ أَن الْحَقَائِق بَاطِل وَهُوَ هم قد أقرُّوا أَن الْأَشْيَاء حق عِنْد من هِيَ عِنْده حق وَبطلَان قَوْلهم من جملَة تِلْكَ الْأَشْيَاء فقد أقرُّوا بِأَن بطلَان قَوْلهم حق مَعَ أَن هَذِه الْأَقْوَال لَا سَبِيل إِلَى أَن يعتقدها ذُو عقل الْبَتَّةَ إِذْ حسه يشْهد بِخِلَافِهَا وَإِنَّمَا يُمكن أَن يلجأ إِلَيْهَا بعض المنقطعين على سَبِيل الشغب وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
بَاب الْكَلَام على من قَالَ بِأَن الْعَالم لم يزل وَأَنه لَا مُدبر لَهُ
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ لَا يَخْلُو الْعَالم من أحد وَجْهَيْن إِمَّا أَن يكون لم يزل أَو أَن يكون مُحدثا لم يكن ثمَّ كَانَ فَذَهَبت طَائِفَة إِلَى أَنه لم يزل وهم الدهرية وَذهب سَائِر النَّاس إِلَى أَنه مُحدث فنبتدئ بحول الله تَعَالَى وقوته بإيراد كل حجَّة شغب بهَا الْقَائِلُونَ بِأَن الْعَالم لم يزل وتوفية اعتراضهم بهَا ثمَّ نبين بحوله تَعَالَى نقضهَا وفسادها فَإِذا بَطل القَوْل بِأَن الْعَالم لم يزل وَجب القَوْل بالحدوث وَصَحَّ إِذْ لَا سَبِيل إِلَى وَجه ثَالِث لَكنا لَا نقنع بذلك حَتَّى نأتي بالبراهين الظَّاهِرَة والنتائج الْمُوجبَة والقضايا الضرورية على إِثْبَات حُدُوث الْعَالم وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم
فَمَا اعْترضُوا بِهِ أَن قَالُوا لم نر شَيْئا حدث إِلَّا من شَيْء أَو فِي شَيْء فَمن ادّعى غير ذَلِك فقد ادّعى مَا لَا يُشَاهد وَلم يُشَاهد وَقَالُوا أَيْضا لَا يَخْلُو مُحدث الْأَجْسَام الْجَوَاهِر والأعراض وَهِي كل مَا فِي الْعَالم إِن كَانَ الْعَالم مُحدثا من أَن يكون أحدثه لِأَنَّهُ أَو إحداثه لعِلَّة
فَإِن كَانَ لِأَنَّهُ فالعالم لم يزل لِأَن محدثه لم يزل وَإِذ هُوَ عِلّة خلقه فالعلة لَا تفارق الْمَعْلُول وَمَا لم يُفَارق من لم يزل فَهُوَ أَيْضا لم يزل هُوَ مثله بِلَا شكّ فالعالم لم يزل وَإِن كَانَ أحدثه لعِلَّة فَتلك الْعلَّة لَا تَخْلُو من أحد وَجْهَيْن إِمَّا أَن تكون لم تزل وَإِمَّا أَن تكون محدثة فَإِن كَانَت لم تزل فمعلولها لم يزل فالعالم لم يزل

اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست