اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط دار الجيل المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 91
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عند عثمان فلقى عبد الله بن مسعود وخاطبه في ذلك فقال ابن مسعود: "الخلاف شر* قد بلغني أنه صلى أربعًا، فصليت بأصحابي أربعًا"، فقال عبد الرحمن بن عوف: "قد بلغني أنه صلى أربعًا فصليت بأصحابي ركعتين، وأما الآن فسوف يكون الذي تقول" يعني: نصلى معه أربعًا" الطبري: 56: 5-57.
* قد يعترض معترض، فيقول: كيف يقول ابن مسعود: الاختلاف شر، والحديث النبوي يقول: "اختلاف أمتي رحمة"، وللإجابة عن هذا السؤال نقول: إن هذا الحديث لا أصل له، ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا، حتى قال السيوطي في الجامع الصغير: "ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا".
وهذا بعيد عندي إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده، ونقل المناوي عن السبكي أنه قال:
"وليس بمعروف عند المحدثين، ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع"، وأقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على تفسير البيضاوي: ق2/92.
ثم إن معنى هذا الحديث مستنكر عند المحققين من العلماء، فقال العلامة ابن حزم في الإحكام في الأحكام: 64/5 بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث:
"وهذا من أفسد قول يكون؛ لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطًا، وهذا ما لا يقوله مسلم؛ لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف، وليس إلا رحمة أو سخط"، وقال في مكان آخر: "باطل مكذوب".
وإن من آثار هذا الحديث السيئة أن كثيرًا من المسلمين يقرون بسببه الاختلاف الواقع بين المذاهب الأربعة ولا يحاولون أبدًا لرجوع بها إلى الكتاب والسنة الصحيحة كما أمرهم بذلك أئمتهم رضي الله عنهم، بل إن أولئك ليرون أن مذاهب هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم إنما هي كشرائع متعددة، كما صرح المناوي في: فيض القدير: 209/1، يقولون هذا مع علمهم بما بينها من اختلاف وتعارض لا يمكن التوفيق بينها إلا برد بعضها المخالف للدليل، وقبول البعض الآخر الموافق له، وهذا ما لا يفعلون، وبذلك فقد نسبوا إلى الشريعة التناقض، وهو وحده دليل على أنه ليس من الله عز وجل لو كانوا يتأملون قوله =
اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط دار الجيل المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 91