اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط دار الجيل المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 82
وقعة اليمامة وستمائة حملة القرآن من الصحابة في تلك المعركة
إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله ابن الزبى، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف[80]. [80] العناية التي بذلها عظيما الإسلام أبو بكر وعمر، وأتمها أخوهما وصنوهما ذو النورين عثمان في جمع القرآن وتثبيته وتوحيد رسمه، كان لهم بها أعظم المنة على المسلمين، وبها حقق الله وعده في قوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وقد تولى الخلافة بعد هؤلاء الشيوخ الثلاثة أمر المؤمنين علي فأمضى عملهم، وأقر مصحف عثمان برسمه وتلاوته، في جميع أمصار ولايته، وبذلك انعقد إجماع المسلمين في الصدور الأولى على أن ما قام به أبو بكر وعمر وعثمان هو أعظم حسناتهم، بل نقل بعض علماء الشيعة هذا الإجماع على لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. جاء في كتاب تاريخ القرآن لأبي عبد الله الزنجاني "صـ 46" أن علي بن موسى المعروف بابن طاوس "589-664"، وهو من علمائهم نقل في كتابه سعد السعود عن الشهرستاني في مقدمة تفسيره عن سويد بن علقمة قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: "أيها الناس، الله، الله، إياكم والغلو في أمر عثمان، وقولكم: حراق المصاحف، فوالله ما حرقها إلا عن ملأ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، جمعنا، وقال: ما تقولون في هذه القراءة التي اختلف الناس فيها، يلقى الرجل الرجل فيقول: قراءتي خير من قراءتك، وهذا يجر إلى الكفر؟ فقلنا: ما الرأي؟ قال: أريد أن أجمع الناس على مصحف واحد، فإنكم إن اختلفتم اليوم كان من بعدكم أشد اختلافًا، فقلنا: نعم ما رأيت، ومما لا ريب فيه أن البغاة أنفسهم كانوا في خلافة علي رضي الله عنه يقرأون في مصاحف عثمان التي أجمع عليها الصحابة وعلي فيهم، لكن نجم لهم أذناب في العصور التالية فضحوا أنفسهم بسخفهم وكفرهم، كشيطان الطاق محمد بن جعفر الرافضي فيما رواه الإمام ابن حزم في "الفصل" 181: 4 عن الجاحظ قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم النظام وبشر بن خالد أنهما قالا لمحمد بن جعفر الرافضي المعروف بشيطان الطاق: ويحك، أما استحييت من الله أن تقول في كتابك في الإمامة: أن الله تعالى لم يقل قط في القرآن: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} ؟ قالا: فضحك والله شيطان الطاق ضحكًا طويلًا حتى كأنا نحن الذين أذنبنا، وشيطان الطاق هذا أكبر دعاة الشيعة في زمن الإمامين زيد وأخيه جعفر الصادق، وهو الذي ابتدع أكذوبة أن الإمامة معهود بها إلى أشخاص بأعيانهم، ولم يكن أحد يقول بذلك قبل شيطان الطاق هذا، وأنكرها عليه الإمام زيد في مجلس جعفر.
ودعوى الرافضة بتبديل القرآن، مع تصريح علي بإجماع الصحابة على ما قام به عثمان، صارت مادة دسمة لدعاة النصارى يحتجون بها، فقال لهم
=
اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط دار الجيل المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 82