اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط دار الجيل المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 234
الليث أمير المؤمنين بعد ذهاب ملكهم وانقراض دولتهم، ولولا كونه عنده كذلك ما قال إلا توفى يزيد.
=
وأن معاوية كان يشتيكم بأرض الروم، ولست مشتيا أحدا بأرض الروم. وإن معاوية كان يخرج لكم العطاء أثلاثا. وأنا أجمعه لكم كله.
قال الراوي فافترق الناس عنه وهم لا يفضلون عليه أحدا. البداية ج8 ص143.
ومن خطب يزيد الدالة على حصافة عقله وحسن بصيرته وتقواه:
الحمد لله وأحمده وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. واشهد أن لا إله إلا الله وحده ر شريك له وأن محمدا عبده ورسوله اصطفاه لوحيه واختاره لرسالته بكتاب فصله وفضله وأعزه وأكرمه، ونصره وحفظه، ضرب فيه الأمثال وحلل فيه الحلال وحرم الحرام، وشرع فيه الدين أعذارا وإنذارا. لئلا يكون للناس حجة بعد الرسل، ويكون بلاغا لقوم عابدين.
وأصيكم عباد الله بتقوى الله العظيم الذي ابتدا الأمور بعلمه، وإليه بصير معادها، وانقطاع موتها وتصرم دارها. وأحذركم الدنيا فإنها حلوة خضرة حفت بالشهوات وراقت بالقليل وأينعت بالفاني، وتحببت بالعاجل. لا يدوم نعيمها ولا يؤمن فجيعها، أكالة غوالة غراراة، ولا تبقى على حال، ولا يبقى لها حال، لن تعد الدنيا إذا تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها والرضا بها وأن تكون كما قال الله عز وجل: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} إلى قوله مقتدرا نسأل الله ربنا وإلهنا وخالقنا ومولانها أن يجعلنا وإياكم من فزع يومئذ آمنين. إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله.
يقول الله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} إلى آخر السورة. العقد الفريد 378:2.
ومما روى عن معاوية أنه لما مات الحسن رضي الله عنه وكان عبد الله بن عباس رضي الله عنه في دمشق، أمر ابنه أن يذهب فيعزيه به فذهب وجلس بين يديه. وأراد ابن عباس أن يرفع مدجلسه فأبى وقال: إنما أجلس مجلس المعزي لا المهني، ثم ذكر الحسن فقال: رحم الله أبا محمد أوسع الرحمة وأفسحها، وأعظم الله أجرك وأحسن عزاك وعوضك من مصابك ما هو ير لك ثوابا وخير عقبى فلم يسع ابن عباس بعد أن غادره يزيد إلا أن قال لجلسائه:
إذا ذهب بنو حرب، ذهب علماء الناس ثم أنشد:
مفاضي عن العوراء لا ينقطونها ... واصل وراثات الحلوم الأوائل
اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط دار الجيل المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 234